Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 15-19)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } خبر مبتدأ محذوف قدره بقوله : ( مثلهم ) أي صفة بني النضير العجيبة التي تقع لهم من الاجلاء والذل ، كصفة أهل مكة فيما وقع لهم يوم بدر من الهزيمة والأسر والقتل ، فكل حصل له خزي الدنيا وعذاب الآخرة . قوله : ( بزمن قريب ) أي وبين وقعة بدر ووقعة بني النضير ، وهو سنة ونصف ، لما تقدم أن غزوة بني النضير كانت في ربيع الأول من السنة الرابعة ، وغزوة بدر كانت في رمضان من الثانية . قوله : ( مثلهم أيضاً ) أي صفة بني النضير ، وقوله : ( في سماعهم ) ببان المثل ، وقوله : ( وتخلفهم ) أي تخلف المنافقين عنهم ، وقوله : { كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ } المراد به حقيقته لا شيطان الإنس ، وقوله : { إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ } بيان لمثل الشيطان ، وبالجملة فقد ضرب الله لهم مثلين : الأول بكفار مكة الذين اغتروا بعددهم وعددهم وحضروا بدراً فكانت الدائرة عليهم ، والثاني من حيث اغترارهم بكلام المنافقين لهم ومخالفتهم لهم ، بإغراء الشيطان لإنسان معين على الكفر ، حتى أوقعه فيه ومات عليه ثم تبرأ منه . قوله : { إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ } المراد به برصيصا العابد ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الانسان الذي قال له الشيطان راهب ، نزلت عنده امرأة أصابها لمم ليدعو لها ، فزين له الشيطان ووطئها فحملت ثم قتلها خوفاً من أن يفتضح ، فدل الشيطان قومها على موضعها ، فجاؤوا فاستنزلوا الراهب ليقتلوه ، فجاءه الشيطان فوعده إن سجد له أن ينجيه منه ، فسجد له فتبرأ منه " وقصته مبسوطة في الشبرخيتي على الأربعين ، في شرح الحديث الرابع ، فانظرها إن شئت . قوله : ( كذباً منه ورياء ) أي قوله هذا كذب منه ورياء ، لأنه لا يخاف الله أبداً . قوله : ( أي الغاوي ) اسم فاعل من غوى يغوي كرمى يرمي ، والمراد به الانسان الذي غره الشيطان وقوله : ( والمغوي ) اسم فاعل أيضاً من أغواه يغويه وهو الشيطان . قوله : ( وقرئ بالرفع ) أي شاذاً . قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } الخ لما ذكر صفات كل من المنافقين واليهود ، وما آل اليه أمرهم ، وعظ المؤمنين بموعظة حسنة ، تحذيراً من أن يكونوا مثل من تقدم ذكرهم ، وذلك أوقع في النفس . قوله : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ } اللام لام الأمر ، والحكمة في التنكير ، الاشارة إلى أن الأنفس الناظرة لمعادها المعتبرة بغيرها قليلة جداً عديمة المثيل . قوله : { مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } { مَّا } اسم موصول ، و { قَدَّمَتْ } صلته ، والمعنى ولتبحث وتحصل نفس العمل الذي قدمته لغد ، وذلك لأن جميع ما تعلمه في الدنيا ترى جزاءه في القيامة ، فليختر العاقل أي الجزاءين ، لما ورد في الحديث : " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " . قوله : ( ليوم القيامة ) سمي غداً لقرب مجيئه ، قال تعالى : { وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [ النحل : 77 ] فكأنه لقربه شبيه بما ليس بينه وبينه إلا ليلة واحدة ، والتنكير في غد للتعظيم والايهام ، كأنه قيل : لغد لا تعرف النفس كنه عظمته وهوله . قوله : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } كرره للتأكيد ، أو الأول إشارة للأمر بأصل التقوى ، والثاني للأمر بالدوام عليها . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } الخبير المطلع على خفيات الأشياء ؛ القادر على الاخبار بما عجزت عنه المخلوقات ، وقوله : { بِمَا تَعْمَلُونَ } أي من خير وشر . قوله : ( تركوا طاعته ) أشار بذلك إلى أن المراد بالنسيان الترك ، وليس المراد به عدم الحفظ والذكر . قوله : ( أن يقدموا بها خيراً ) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، والتقدير : فأنساهم تقديم خبر لأنفسهم ، فثمرة نسيانهم الله نسيان أنفسهم ، أي فترك حقوق الله خسرانهم ، وهو نظير قوله تعالى : { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [ الإسراء : 7 ] ، { وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ } [ محمد : 38 ] ، { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } [ الروم : 44 ] لأنه المستغنى عن كل ما سواه .