Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 108-109)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } سبب نزولها أنه لما نزل قوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] كثر سب المسلمين للأصنام ، فتحزب المشركون على كونهم يسبون الله نظير سب المسلمين لأصنامهم ، فنزلت الآية ، " وقيل : إن أبا طالب حضرته الوفاة ، فقالت قريش انطلقوا بنا لندخل على هذا الرجل ، فلنأمره أن ينهى عنا ابن أخيه ، فإنا نستحي أن نقتله بعد موته فتقول العرب كان عمه يمنعه ، فلما مات قتلوه . فانطلق أبو سفيان ، وأبو جهل ، والنضر بن الحرث ، وأمية وأبي ابنا خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وعمرو بن العاص ، والأسود بن أبي البحتري ، إلى أبي طالب ، فقالوا : يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا ، وإن محمداً قد آذانا وآذى آلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ، وندعه وإلهه ، فدعاه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طالب : إن هؤلاء قومك وبنو عمك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يريدون ؟ قالوا : نريد أن تدعنا وآلهتنا ، وندعك وآلهك ، فقال له أبو طالب : قد أنصفك قومك فأقبل منهم ، فقال النبي : أرأيتم إن أعطيتم هذا ، فهل أنتم معطي كلمة ، إن تكلمتم بها ملكتم العرب ، ودانت لكم العجم ، وأدت لكم الخراج ؟ قال أبو جهل : نعم وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها فما هي ؟ فقال : قولوا لا إله إلا الله ، فأبوا ونفروا ، فقال أبو طالب قل غيرها يا ابن أخي ، فقال : يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها ، ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها ، فقالوا لتكفن عن شتمك آلهتنا أو نسبن من يأمرك " فنزلت . قوله : { ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } أي يعبدون ، وقدر المفسر الضمير إشارة إلى أن مفعول يدعون محذوف . قوله : { فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ } أي فيترتب على ذلك سب الله فسب الأصنام وإن كان جائزاً ، إلا أنه عرض له النهي بسبب ما ترتب عليه من سب الله ، ففي الحقيقة النهي عن سب الله . قوله : ( اعتداء ) أشار بذلك إلى أن { عَدْواً } مصدر ، ويصح أن يكون حالاً مؤكدة ، لأن السب لا يكون إلا عدواناً . قوله : ( أي جهلاً منهم بالله ) أي بما يجب في حقه . قوله : { كَذَلِكَ زَيَّنَّا } نعت لمصدر محذوف ، أي زينا لهؤلاء أعمالهم تزييناً مثل تزييننا لكل أمة عملهم . قوله : ( من الخير والشر ) أشار بذلك إلى أن الآية رد على المعتزلة الزاعمين أن الله لا يريد الشرور ولا القبائح . قوله : { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ } مرتب على محذوف قدره المفسر بقوله : ( فأتوه ) . قوله : { وَأَقْسَمُواْ } أي حلفوا . قوله : ( غاية اجتهادهم ) أي لأنهم كانوا يحلفون بآبائهم وآلهتهم ، فإذا أرادون تغليظ اليمين حلفوا بالله . قوله : { لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ } حكاية عنهم ، وإلا فلفظهم لئن جاءتنا آية . قوله : ( مما اقترحوا ) أي طلبوا ، " وذلك أن قريشاً قالوا : يا محمد إنك تخبرنا أن موسى كان له عصا حتى نصدقك ونؤمن بك ، فقال رسول الله : أي شيء تحبون : قالوا : تجعل لنا الصفا ذهباً ، وابعث لنا بعض موتانا نسأله عنك ، أحق ما تقول أم باطل ؟ وأرنا الملائكة يشهدون لك ، فقال رسول الله : إنْ فعلت ما تقولون تصدقونني ؟ قالوا : نعم والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين ، وسأل المسلمون رسول الله أن ينزلها عليهم حتى يرضوا ، فقام رسول الله يدعو أن يجعل الصفا ذهباً فقال جبريل : لك ما شئت إنْ شئت يصبح ذهباً ، ولكن إن لم يصدقوك لنعذبنهم ، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يتوب تائبهم " ، فنزلت الآية . قوله : { لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } جواب القسم ، وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه . قوله : { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ } أي لا عندي ، فالقادر على إنزالها هو الله ، وينزلها على حسب ما يريد . قوله : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } ما اسم استفهام مبتدأ ، وجملة يشعر خبرها ، والكاف مفعول أول ، والثاني محذوف قدره المفسر بقوله : بـ { أَيْمَٰنِهِمْ } والخطاب للمؤمنين ، أي وما يعلمكم أيها المؤمنون بإيمانهم ، وقوله : { أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ } بكسر استئناف مسوق لقطع طمع المؤمنين من إيمان المشركين ، وتكذيب للمشركين في حلفهم . قوله : ( أي أنتم لا تدرون ) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي . قوله : ( وفي قراءة بالتاء ) ظاهره أن هذه القراءة مع كسر إن وليس كذلك بل هي مع الفتح ، فالمناسب تأخيرها عن قوله : ( وفي أخرى بفتح أن ) ، فالقراءات ثلاث : الكسر مع الياء لا غير ، والفتح إما مع الياء أو التاء . قوله : ( بمعنى لعل ) أي ومجيء أي بمعنى لعل كثير شائع في كلام العرب ، والترجي في كلام الله مثل التحقيق ، فهي مساوية لقراءة الكسر . قوله : ( أو معمولة لما قبلها ) أي على أنها المفعول الثاني ، ولا إما صلة أو داخلة على محذوف ، والتقدير إذا جاءت لا تعلمون أهم يؤمنون أو المقابل محذوف ، والتقدير إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون ، وهو إخبار عن الكفار عن قراءة الياء ، وخطاب لهم على قراءة التاء .