Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 119-120)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ } هذا تأكيد لإباحة ما ذبح على اسم الله ، وما اسم الله استفهام مبتدأ ، ولكم خبره ، والتقدير أي شيء ثبت لكم في عدم أكلكم الخ . قوله : { وَقَدْ فَصَّلَ } أي بين وميز ، والواو للحال . قوله : ( بالبناء للمفعول وللفاعل ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وبقي ثالثة ، وهي بناء الأول للفاعل ، والثاني للمفعول . قوله : ( في الفعلين ) أي فصل وحرم . قوله : ( في آية حرمت عليكم الميتة ) أي التي ذكرت في المائدة ، وفي المقام إشكال أورده فخر الدين الرازي ، وهو أن سورة الأنعام مكية ، وسورة المائدة مدنية ، من آخر القرآن نزولاً بالمدينة . وأجيب : بأن الله علم أن سورة المائدة متقدمة على سورة الأنعام في الترتيب لا في النزول ، فبهذا الاعتبار حسنت الحوالة عليها لسبقية علم الله بذلك ، وقال بعضهم : الأولى أن يقال وقد فصل لكم الخ أي في قوله : { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً } [ الأنعام : 145 ] الآية ، وهذه وإن كانت مذكورة بعد ، إلا أنه لا يمنع الاستدلال بها للاتحاد في وقت النزول . قوله : { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } استثناء منقطع ، لأن ما اضطر إليه ليس داخلاً في المحرم . قوله : ( فهو أيضاً حلال لكم ) أي وهل يشبع ويتزود منها ، ويقتصر على ما يسد منها ، ويقتصر على ما يسد الرمق ، خلال بين العلماء . قوله : ( المعنى لا مانع الخ ) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري . قوله : ( وهذا ليس منه ) أي من المحرم ، وأما ما لم ينص على حرمته ولا حله من قبيل الحل ، لأنه ذكر أشياء واستثنى الحرام منها ، فالحرام معدود معروف ، فمثل القهوة والدخان غير محرم ، إلا أن يطرأ له ما يحرمه ، كالاسراف وتغييب العقل . وحاصل ذلك أن يقال : إن اعتاد ذلك وصار دواء فهو جائز ، ولكن بقدر الضرورة ، وإن كان يضر جسمه أو يسرف فيه فهو حرام ، وإن اشتغل به عن عبادة مندوبة فهو مكروه ، فكثرته إما حرام أو مكروه . قوله : ( بفتح الياء ) أي من ضل اللازم ، بمعنى قام به الضلال في نفسه ، وقوله : ( وضمها ) أي من أضل الرباعي ، بمعنى أوقع غيره في الضلال . قوله : { بِأَهْوَائِهِم } الباء سببية ، وفي قوله : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } متعلق بمحذوف حال ، والمعنى يضلون في أنفسهم ، أو يوقعون غيرهم في الضلال ، بسبب اتباعهم أهواءهم ، ملتبسين بغير علم . قوله : ( وغيرها ) أي كالدم ولحم الخنزير ، إلى آخر ما ذكر في آية المائدة . قوله : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ } أي فيجازيهم على اعتدائهم . قوله : { وَذَرُواْ } الأمر للمكلفين من الإنس والجن وهو للوجوب . قوله : ( علانيته وسره ) لف ونشر مرتب . قوله : ( قيل الزنا ) أي وكان العرب يحبونه ، وكان الشريف منهم يستحي من إظهاره فيفعله سراً ، وغير الشريف لا يستحي من ذلك فيظهره ، فأنزل الله تحريمه ظاهراً وباطناً . قوله : ( وقيل كل معصية ) أي فالظاهر منها : كالزنا والسرقة وبقية معاصي الجوارح الظاهرية ، والباطن منها : كالكبر والحقد والحسد والعجب والرياء وحب الرياسة وغير ذلك من المعاصي القلبية ، وهذا التفسير هو الأقرب ، وإن كان الأول موافقاً لسبب النزول ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . قوله : { سَيُجْزَوْنَ } ( في الآخرة ) أي العذاب الدائم إن كان مستحلاً ، أو بالعذاب مدة ، ويخرج إن لم يكن مستحلاً ، ومات من غير توبة ولم يعف الله عنه ، فإن تاب الكافر قبل قطعاً ، وإن تاب المسلم فقيل كذلك ، وقيل تقبل ظناً . إن قلت : لأي شيء اختلف في توبة المسلم دون الكافر ؟ وأجيب : بأن رحمة الله سبقت غضبه ، فلو جاز عدم القبول لتوبة الكافر ، لكان مخلداً في النار ، مع أن رحمته غلبت غضبه . وأما المؤمن فهو مقطوع له بالجنة ، فلو لم يقبل توبته وعذبه ، فلا بد له من الرحمة ، انتهاء غاية ما هناك عذابه تطهير له .