Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 114-118)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ } الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أميل لزخارفكم التي زينها الشيطان . فغير الله أبتغي حكماً ، وغير مفعول لأبتغي ، وحكماً حال أو تمييز ، أو حكماً مفعول وغير حال ، والحكم أبلغ من الحاكم لأن الحكم من تكرر منه الحكم ، وأما الحاكم فيصدق ولو بمرة ، أو لأن الحكم لا يجوز أصلاً ، والحاكم قد يجور . قوله : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ } الجملة حالية كأنه قال : أفغير الله أطلب حكماً ، والحال أن الله هو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً ، فالذي يشهد لي هو القرآن ، وأما الكتب القديمة فإنها وإن كانت تشهد له أيضاً ، لكن لما غيروا وبدلوا ، صارت غير معول عليها . قوله : ( وأصحابه ) أي ممن أسلم من علماء اليهود . قوله : { يَعْلَمُونَ أَنَّهُ } أي الكتاب . قوله : ( بالتخفيف والتشديد ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، قوله : { بِٱلْحَقِّ } متعلق بمحذوف حال ، والتقدير أنه منزل من ربك حال كونه متلبساً بالحق . قوله : ( والمراد بذلك التقرير الخ ) دفع بذلك ما يقال إن الشك مستحيل على النبي ، فكيف ينهى عما يستحيل وصفه به ، فأجاب بما ذكر ، وأجيب أيضاً بأنه من باب التعريض للكفار بأنهم هم الممترون ، فالخطاب له والمراد غيره . قوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } أي القرآن وفيها قراءتان : الجمع والإفراد ، فالجمع ظاهر ، والإفراد على إرادة الجنس والماهية ، وترسم بالتاء المجرورة على كل من القراءتين ، وهكذا ما قرئ بالجمع والإفراد إلا موضعين : أحدهما في يونس في قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } [ يونس : 96 ] وثانيهما في غافر في قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } [ غافر : 6 ] فاختلف فيها المصاحف ، فبعضهم بالتاء المجرورة ، وبعضهم بالتاء المربوطة . قوله : ( بالأحكام والمواعيد ) راجع لقوله : { صِدْقاً وَعَدْلاً } على سبيل اللف والنشر المشوش ، ولو أخره لكان أحسن ، والمعنى : تمت كلمات ربك من جهة الصدق ، كالأخبار والمواعيد ، والعدل كالأحكام فلا جور فيها ، وهذا إخبار من الله بحفظ القرآن من التغيير والتبديل ، كما وقع في الكتب المتقدمة ، وذلك سر قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ الحجر : 9 ] وقوله تعالى : { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ } [ الإسراء : 106 ] . قوله : ( تمييز ) أي على التوزيع ، أي صدقاً في مواعيده وعدلاً في أحكامه ، ويصح أن يكون حالاً من ربك ، ويؤول المصدر باسم الفاعل ، أي حال كونه صادقاً وعادلاً . قوله : { لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ } هذا كالتوكيد لقوله : { تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } ، وقوله : ( بنقض أو خلف ) راجع لقوله : { صِدْقاً وَعَدْلاً } على سبيل اللف والنشر المرتب . قوله : ( أي الكفار ) تفسير للأكثر . قوله : { إِن يَتَّبِعُونَ } قدر المفسر ما إشارة إلى أن إن نافية بمعنى ما . قوله : ( إذ قالوا الخ ) إشارة لسبب نزول هذه الآية وما بعدها ، وذلك أن المشركين قالوا للنبي : أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها ؟ فقال : الله قتلها . قالوا : أنت تزعم ما قتلت أنت وأصحابك حلال ، وما قتلها الكلب والصقر حلال ، وما قتله الله حرام ، فكيف تدعون أنكم تعبدون الله ولا تأكلون ما قتله ربكم ؟ فما قتله الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم أنتم . قوله : { إِلاَّ يَخْرُصُونَ } الخرص في الأصل الحزر والتخمين ، ومنه خرص النخلة ، وقوله : ( يكذبون ) سمى الخرص كذباً لأن فيه تتبع الظنون الكاذبة . قوله : ( في ذلك ) أي في قولهم ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم . قوله : ( أي عالم ) دفع بذلك ما يقال إن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه ، فأجاب : بأن اسم التفضيل مؤول اسم الفاعل . وأجيب أيضاً : بأن قوله : { مَن يَضِلُّ } مفعول لمحذوف تقديره بعلم من يضل ، أو منصوب بنزع الخافض ، والتقدير بمن يضل يدل عليه قوله بعد { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } . قوله : { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } هذا رد لقولهم المتقدم ، فإن الميتة لم يذكر عليها اسم الله ، فعند مالك الوجوب مع الذكر ، وعند الشافعي السنية ، والمراد بذكر اسم الله هنا ، عدم ذكر اسم غيره كالأصنام ، ليدخل ما إذا نسي التسمية فإنها تؤكل ، وسيأتي إيضاح ذلك .