Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 56-58)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ } هذا أمر من الله لنبيه أن يخاطب الكفار الذين طمعوا في دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم في دينهم ويرد عليهم بذلك . قوله : { نُهِيتُ } أي نهاني ربي بواسطة الدليل العقلي والسمعي ، لدلالة كل منهما على أن الله واحد لا شريك له ، متصف بكل كمال مستحيل عليه كل نقص . قوله : ( تعبدون ) هذا أحد إطلاقات الدعاء ، وبه فسر في غالب اقرآن يشمل الطلب وغيره . قوله : { قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ } جمع هوى سمي بذلك لأنه يهوى بصاحبه إلى المهالك ، وهذه الجملة تأكيد لما قبلها . قوله : { إِذاً } إذا حرف جواب وجزاء ، ولا عمل لها لعدم وجود فعل تعمل فيه . قوله : ( إن اتبعتها ) أي الأهواء وهو بيان لمعنى إذاً . قوله : { وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } تأكيد لما قبلها . قوله : { قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } هذا زيادة في قطع طمعهم الفاسد ، والمعنى لا تطمعوا في دخولي دينكم لأني على بينة من ربي ، ومن كان كذلك كيف يخدع ويتبع الضلال ، وهذا نظير قوله تعالى : { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ } [ الأنعام : 83 ] قوله : ( بيان ) أي دليل واضح . قوله : { وَكَذَّبْتُم بِهِ } أي بوحدانيته ، والجملة حالية ، ويشير لذلك تقدير المفسر قد . قوله : { مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } ما الأولى نافية والثانية موصولة ، وقوله : ( من العذاب ) بيان لما الثانية . وسبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخوفهم بنزول العذاب عليهم ، وكانوا يستعجلون به استهزاء كما في الأنفال { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } [ الأنفال : 32 ] الآية . قوله : { يَقُصُّ ٱلْحَقَّ } قدر المفسر القضاء إشارة إلى أنه منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف ، ويحتمل أنه ضمنه معنى ينفذ فعداه إلى المفعول به ، ويحتمل أنه منصوب بنزع الخافض أي بالحق . قوله : ( وفي قراءة يقص ) من قص الأثر تتبعه ، وقص الحديث قاله . قوله : { لَّوْ أَنَّ عِندِي } أي لو كان الأمر مفوضاً إليَّ . قوله : { مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } أي من العذاب . قوله : ( بأن أعجله ) بيان قوله : { لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } والضمير عائد على ما تستعجلون . قوله : ( متى يعاقبهم ) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضافين ، والتقدير والله أعلم بوقت عقوبة الظالمين ، فلا يستعجلوا ذلك ، فإنه لا حق بهم إن لم يتوبوا ، وإنما تأخيره من حلم الله عليهم ، فلولا حلمه ما بقي أحد ، قال تعالى : { وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } [ المؤمنون : 71 ] فمن القبيح بعض العامة حلم الله يفتت الأكباد . إن قلت مقتضى هذه الآية أنه لو كان الأمر مفوضاً له في تعذيبهم لعجله واستراح ، ومقتضى ما ورد من إتيان ملك الجبال يستشيره في أنه يطبق عليهم الأخشبين أنه لم يرض وقال أرجو أن يخرج من ذريتهم من يؤمن بالله فحصل التنافي . أجيب : بأن ما في الآية بالنظر لأصل البشرية ، لأن البشر يتأثر بالضر والنفع ، وما في الحديث إنما هو رحمة من الله ألقاها عليه فرحمهم الله بها ، قال تعالى : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } [ آل عمران : 159 ] فرجع الأمر لله فتدبر .