Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 76-77)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَلَمَّا جَنَّ } من الجنة وهي الستر ، وحاصل ذلك أن نمروذ بن كنعان كان يدعو الناس إلى عبادته ، وكان له كهان ومنجمون ، فقالوا له إنه يولد في بلدك هذه السنة غلام بغير دين أهل الأرض ، ويكون هلاكك وزوال ملكك على يديه ، فأمر بذبح كل غلام يولد في تلك السنة ، وأمر بعزل النساء عن الرجال ، وجعل على كل عشرة رجلاً يحفظهم ، فإذا حاضت المرأة خلوا بينها وبين زوجها ، لأنهم كانوا لا يجامعون في الحيض فإذا طهرت من الحيض حالوا بينهما ، فخرج نمروذ بالرجال في البرية وعزلهم عن النساء تخوفاً من ذلك المولود ، فمكث بذلك ما شاء الله ، ثم بدت له حاجة أحب أوصيك بها ، ولم أبعثك فيها إلا لثقتي بك ، فأقسمت عليك أن لا تدنو من أهلك ، فقال آزر أنا أشح على ديني من ذلك ، فأوصاه بحاجته فدخل المدينة وقضى حاجة الملك ، ثم دخل على أهله فلم يتمالك نفسه حتى واقع زوجته فحملت ساعتها بإبراهيم ، فلما دنت ولادتها خرجت هاربة مخافة أن يطلع عليها فيقتل ولدها ، فلما وضعته جعلته في نهر يابس ، ثم لفته في خرقة وتركته ، قيل أخبرت أباه به ، وقيل لا ، وكانت تختلف إليه لتنظر ما فعل ، فتجده حياً وهو يمص من أصبع ماء ، ومن أصبع لبناً ، ومن أصبع سمناً ، ومن أصبع عسلاً ، ومن أصبع تمراً ، وكان إبراهيم يشب في اليوم كالشهر ، وفي الشهر كالسنة ، فمكث خمسة عشر شهراً ، قالوا فلما شب إبراهيم وهو في السرب قال لأمه من ربي قالت أنا ، قال فمن ربك قالت أبوك ، قال فمن رب أبي قالت اسكت ، ثم رجعت إلى زوجها فقالت أرأيت الغلام الذي كنا نحدث أنه يغير دين أهل الأرض ، ثم أخبرته بما قال ، فأتاه أبوه آزر فقال إبراهيم : يا أبتاه من ربي قال أمك ، قال فمن رب أمي قال أنا ، قال فمن ربك قال نمروذ قال فمن رب نمروذ فلطمه لطمة وقال له اسكت . { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً } الآية ، واختلف في وقت هذا القول ، هل كان قبل البلوغ والرسالة أو بعدهما ، والصحيح أنه بعد البلوغ وإيتاء الرسالة ، وما وقع من إبراهيم إنما هو مجاراة لقومه واستدراج لهم ، لأجل أن يعرفهم جهلهم وخطأهم في عبادة غير الله ، وليس إثباته الربوبية لهذه الأجرام على حقيقة حاشاه من ذلك ، لأن الأنبياء معصومون من الجهل قبل النبوة وبعدها ، لأن توحيدهم بالشهود على طبق ما جبلت عليه أرواحهم من يوم ألست بربك . قوله : ( قيل هو الزهرة ) خصها لأنهم أضوأ الكواكب وهي في السماء الثالثة . قوله : ( وكانوا نجامين ) أي عالمين بالنجوم أو عابدين لها . قوله : ( في زعمكم ) أي فالجملة خبرية على حسب زعمهم ، لا على حسب الواقع واعتقاد إبراهيم . قوله : ( غاب ) يقال أفل الشيء أفولاً . قوله : ( التغير والانتقال ) أي لأن الأفول حركة ، الحركة تقتضي حدوث المتحرك وإمكانه ، فيمتنع أن يكون إلهاً . قوله : ( فلم ينجع ) أي لم يؤثر ويفد ، وهو من باب خضع ، يقال نجع نجوعاً ظهر أثره . قوله : { بَازِغاً } حال من القمر والبزغ الطلوع .