Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 93-93)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ } من اسم استفهام مبتدأ ، وأظلم خبره ، و { كَذِباً } تمييز ، وأشار بقوله : ( أي لا أحد ) إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي . قوله : { أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ } أو للتنويع والعطف مغاير ، وليس من عطف الخاص على العام ، ولا من عطف التفسير ، لأن ذلك لا يكون بأو . قوله : { وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ } أي من قبل الله ، بل استهوته الشياطين ، وسلب الله عقله ، وختم على سمعه وقلبه ، وجعل على بصره غشاوة حيث قال لما نزلت سورة الكوثر ، أنزلت علي سورة مثلها ، إنا أعطيناك العقعق فصل لربك وازعق إن شانئك هو الأبلق ، وغير ذلك من الخرافات التي قالها مسيلمة الكذاب ، فإن الآية نزلت فيه كما قال المفسر ، وقد ورد أنه أرسل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً مع رسولين يذكر فيه : من عند مسيلمة رسول الله ، إلى محمد رسول الله ، أما بعد ، فإن الأرض بيننا نصفين ، فلما وصله الكتاب قال للرسولين أتشهدان له بالرسالة ؟ فقالا نعم ، فقال رسول الله : لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما ، وكتب له : من عند محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين . قوله : { وَ } ( من ) { مَن قَالَ } قدره المفسر إشارة إلى أنه معطوف على المجرور بمن . قوله : ( وهم المستهزئون ) أي كعقبة بت أبي معيط وأبي جهل وأضرابهما ، وما ذكره المفسر هو المشهور ، وقيل نزلت في عبد الله بن أبي سرح ، كان من كتبة الوحي ثم ارتد وقال سأنزل مثل ما أنزل الله ، ثم رجع للإسلام فأسلم قبل فتح مكة والنبي صلى الله عليه وسلم نازل بمر الظهران ، وقد دخل في حكم هذه الآية كل من افترى على الله كذباً في أي زمان إلى يوم القيامة . قوله : { وَلَوْ تَرَىۤ } لو حرف شرط وجوابها محذوف ، قدره المفسر فيما يأتي بقوله لرأيت أمراً فظيعاً ، وترى بصرية ومفعولها لمحذوف تقديره الظالمين ، وإذ ظرف لترى ، والتقدير ولو ترى الظالمين وقت كونهم في غمرات الموات الخ . قوله : ( المذكورون ) أي مسيلمة الكذاب المستهزئون ، والأحسن أن يراد ما هو أعم . قوله : { فِي غَمَرَاتِ } جمع غمرة من الغمر وهو الستر , يقال غمره الماء إذا ستره ، سميت السكرة بذلك لأنها تستر العقل وتدهشه . قوله : { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ } تقدم أن الكافر موكل به سبع من الملائكة يعذبونه عند خروج روحه ، لأن الكافر يكره لقاء الله ، فتأبى روحه الخروج فيخرجونها كرهاً . إن قلت : إن المؤمن يكره الموت أيضاً . أجيب : بأن المؤمن وإن أحب الحياة وكره الموت لكن ذلك قبل احتضاره ومعاينته ما أعد الله له من النعيم الدائم ، وأما إذا شاهد ذلك هانت عليه الدنيا وأحب الموت ولقاء الله ، وأما الكافر فعند خروج روحه حين يشاهد ما أعد له من العذاب الدائم يزداد كراهة في الموت ، وعلى ذلك يحتمل ما ورد : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه . قوله : ( يقولون لهم تعنيفاً ) أي لأن الإنسان لا يقدر على إخراج روحه ، وإنما ذلك لأجل تعنيفهم ، ويحتمل أن معنى { أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ } نحوها من العذاب الذي حل بكم تهكماً بهم . قوله : { ٱلْيَوْمَ } ظرف لقوله : { تُجْزَوْنَ } فالوقف ثم على قوله أنفسكم ، وأل في اليوم للعهدي اليوم المعهود وهو يوم خروج أرواحهم ، ويحتمل أن المراد باليوم يوم القيامة ، والأحسن أن يراد ما هو أعم . قوله : ( الهوان ) أي الذل والصغار ، لا عذاب التطهير كما يقع لبعض عصاة المؤمنين ، لأن كل عذاب يعقبه عفو ، فلا يقال له هون ، وإنما يقال لعذاب الكافر . قوله : { بِمَا كُنتُمْ } الباء سببية ، وما مصدرية ، أي بسبب كونكم تقولون الخ . قوله : ( بدعوى النبوة الخ ) هذا راجع لقوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ } . قوله : { وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } أي وبسبب كونكم تستكبرون عن آياته ، فالجار والمجرور متعلق بتستكبرون ، وهو راجع لقوله ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ، ففيه لف ونشر مرتب ، وهذا باعتبار سبب النزول ، وإلا فكل كافر يقال له ذلك عند الموت .