Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 9-11)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ } المراد به الأذان عند جلوس الخطيب على المنبر ، وذلك لأنه لم يكون في عهده رسول الله صلى الله عليه وسلم نداء سواه ، فكان له مؤذن واحد ، إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد ، فإذا نزل أقام الصلاة ، ثم كان أبو بكر وعمر وعلي بالكوفة على ذلك ، حتى كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل ، زاد أذاناً آخر ، فأمر بالتأذين أولاً على داره التي تسمى الوزراء ، فإذا سمعوا أقبلوا ، حتى إذا جلس على المنبر أذن المؤذن ثانياً ، ولم يخالفه أحد في ذلك الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " . قوله : ( بمعنى في ) هذا أحد وجهين ، والثاني أنها بيان لإذا نودي وتفسير لها . قوله : { يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } بضمتين وهي قراءة العامة ، وقرئ شذوذاً بسكون الميم وفتحها ، سميت بذلك لاجتماع الناس فيها للصلاة ، وكانت العرب تسميه العروبة ، واعلم أن أفضل الليالي : ليلة المولد ، ثم ليلة القدر ، ثم ليلة الإسراء ، فالجمعة ، فنصف شعبان ، فالعيد ، وأفضل الأيام : يوم عرفة ، ثم يوم نصف شعبان ، ثم الجمعة والليل أفضل من النهار . قوله : ( فامضوا ) أشار بذلك إلى أنه ليس من السعي الإسراع في المشي ، إذ ليس بمطلوب ولو خاف فوالتها ، بل المراد به التوجه ، والمشيء عند الذهاب أفضل من الركوب : إن لم يكن عذر ، وبعد انقضاء الصلاة لا بأس به . قوله : ( أي اتركوا عقده ) أي فالمراد بالبيع العقد بتمامه ، فه خطاب لكل من البائع والمشتري ، ومثل البيع والشراء الاجارة والشفعة والتولية والاقالة ، فإن وقعت حرمت وفسخت عند مالك ، وعند الشافعي تحرم ولا تفسخ . قوله : { ذَلِكُمْ } أي المذكور من السعي ، وترك الاشتغال بالدنيا . قوله : ( أنه خير ) قدره إشارة إلى أن مفعول { تَعْلَمُونَ } محذوف ، وقوله : ( فافعلوه ) جواب الشرط . قوله : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ } أي أديت وفرغ منها . قوله : { فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي للتجارة والتصرف في حوائجكم . قوله : ( أمر إباحة ) أي فالمعنى يباح لكم الانتشار في الأرض ، فلا حرج عليكم في فعله ولا تركه . قوله : { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } أتى به ثانية ، إعلاماً بأن ذكر الله مأمور به في سائر الأحوال لا في خصوص الصلاة . قوله : ( تفوزون ) أي تظفرون بسعادتكم . قوله : ( كان صلى الله عليه وسلم ) الخ ، شروع في بيان سبب نزول قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً } الخ . قوله : ( يخطب يوم الجمعة ) أي بعد الصلاة كالعيدين . قوله : ( فقدمت عير ) أي من الشام قدم بها دحية بن خليفة الكلبي ، وكان الوقت وقت غلاء في المدينة ، وكان في تلك القافلة جميع ما يحتاج اليه الناس ، من بر ودقيق وزيت وغيرها ، فنزل بها عند أحجار الزيت ، موضع بسوق المدينة ، وضرب الطبل ليعلم الناس بقدومه فيبتاع منه ، وقيل : الضارب للطبل أهل المدينة على العادة في أنهم كاوا يستقبلونها بالطبل والتصفيق ، وقيل : أهل القادم بها ، قال قتادة : بلغنا أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات ، كل مرة تقدم العير من الشام ، ويوافق قدومها يوم الجمعة وقت الخطبة . قوله : ( غير اثني عشر رجلاً ) وفي رواية : أن الذين بقوا معه أربعون رجلاً ، وفي أخرى أنهم ثمانية ، وفي أخرى أنهم أحد عشر ، وفي أخرى أنهم ثلاثة عشر ، وفي أخرى أنهم أربعة عشر ، وهذا منشأ الخلاف بين الأئمة في العدد الذي تنعقد به الجمعة ، فصح عند مالك أنهم اثنا عشر ، وصح عند الشافعي أنهم أربعون ، ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد ، لسال بكم الوادي ناراً " . قوله : { ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } أي والذي سوغ لهم الخروج ، وترك رسول الله يخطب ، أنهم ظنوا أن الخروج بعد تمام الصلاة جائز ، لانقضاء المقصود وهو الصلاة ، لأنه كان يقدم الصلاة على الخطبة كالعيدين ، فلما وقعت هذه الواقعة ونزلت الآية ، قدم الخطبة وآخر الصلاة . قوله : ( لأنها مطلوبهم ) جواب عما يقال : لم أفرد الضمير مع أن المتقدم شيئان ويجاب أيضاً : بأنه أفرد لأن العطف بأو ، وخص ضمير المؤمث لما قاله المفسر . قوله : { وَتَرَكُوكَ قَآئِماً } الجملة حالية من فاعل { ٱنفَضُّوۤاْ } وفي قوله : { قَآئِماً } إشارة إلى أن الخطبة تكون من قيام لا من جلوس ، قال علقمة : سئل أبن مسعود ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً أو قاعداً ؟ فقال : أما تقرأ { وَتَرَكُوكَ قَآئِماً } قال جمهور العلماء : الخطبة فريضة في صلاة الجمعة ، وقال داود الظاهري : هي مستحبة ، ويجب أن يخطب الامام قائماً خطبتين يفصل بينهما بجلوس ، وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يشترط القيام ولا القعود ، ويشترط الطهارة في الخطبة عند الشافعي في أحد القولين ، وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة ، أن يحمد الله تعالى ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويوصي بتقوى الله ، هذه الثلاث شروط في الخطبتين جميعاً ، ويجب أن يقرأ في الأول آية من القرآن ، ويدعو المؤمنين في الثانية ، ولو ترك واحدة من هذه الخمسة ، لم تصح خطبته ولا جمعته عند الشافعي ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه ، وذهب مالك إلى أنه ما يقع عليه عند العرب اسم الخطبة ، وهو كلام مسجع مشتمل على تحذير وتبشير . قوله : { قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ } الخ ، أي قل لهم تأديباً وزجراً لهم عن العود لمثل هذا الفعل . قوله : ( من الثواب ) بيان لما ، والمراد به الثبات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . قوله : { خَيْرُ } اسم التفضيل باعتبار أن في اللهو والتجارة لذة دنيوية . قوله : ( يقال كل إنسان ) الخ ، أشار بذلك إلى أن اسم التفضيل على بابه ، فالرازقون متعددون لكن على سبيل المجاز ، وإلا فالرازق حقيقة هو الله وحده . قوله : ( عائلته ) أي عياله . قوله : ( أي من رزق الله ) تصحيح لهذا القول المذكور ، والمعنى : ليس المراد به أن كل إنسان يرزق عائلته بالاستقلال وبحوله وقوته ، بل من رزق الله تعالى يجري على يديه .