Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 63, Ayat: 1-4)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ } أي حضروا عندك عبد الله بن أبي وأصحابه ، وجواب الشرط قوله : { قَالُواْ } وهو الأظهر ، وقيل : جوابه محذوف ، أي فلا تقبل منهم ، وقيل : الجواب قوله : { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } وهو بعيد ، وسبب نزول هذه السورة ، " أنه صلى الله عليه وسلم لما غزا بني المصطلق ، وازدحم الناس على الماء ، اقتتل رجلان ، أحدهما من المهاجرين جهجاه بن أسيد ، وكان أجيراً لعمر ، يقود له فرسه ، والثاني من الأنصار اسمه سنان الجهني ، كان حليفاً لعبد الله بن أبي اقتتلا ، صاح جهجاه بالمهاجرين ، وسنان بالأنصار ، فأعان جهجاهاً رجل من فقراء المهاجرين ولطم سناناً ، فقال عبد الله بن أبي : ما صحبنا محمداً إلا لتلطم وجوهنا ، والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ، ليخرجن الأعز منها الأذل ، ثم قال لقومه : ما فعلتم بأنفسكم ، قد أنزلتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم في أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عنهم فضل الطعام لتحولوا من عندكم ، فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد ، فسمع ذلك زيد بن أرقم فبلغه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال صلى الله عليه وسلم : أنت صاحب الكلام الذي بلغني عنك ؟ فحلف أنه ما قال شيئاً وأنكر ، فهو قوله : { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } الخ ، فنزلت السورة " . قوله : { نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ } يحتمل أن الشهادة على بابها نفياً للنفاق عن أنفسهم ، ويحتمل أن { نَشْهَدُ } بمعنى نحلف . قوله : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } جملة معترضة بين قولهم { نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ } وبين قوله : { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ } الخ ، وحكمة الاعتراض ، أنه لو اتصل التكذيب بقولهم : لربما توهم أن قولهم في حد ذاته كذب ، فأتى بالاعتراض لدفع الابهام . قوله : ( فيما أضمروه ) أي من أنك غير رسول ، وسماه كذباً باعتبار هذا الذي أضمروه ، هذا ما أفاده المفسر ، وقيل : كذبهم هو قولهم { نَشْهَدُ } لأن صدقها كونها من صميم القلب ، وقولهم خلاف ما في القلب . قوله : { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ } بفتح الهمزة في قراءة العامة جمع يمين ، وقرئ شذوذاً بكسرها بمعنى دعواهم إلى الايمان والتصديق بما جاء به محمد . قوله : { جُنَّةً } بضم الجيم أي وقاية . قوله : { سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } { سَآءَ } كبئس في إفادة الذم ، وفيها معنى التعجيب . قوله : { بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ } ( باللسان ) الخ ، جواب عما يقال : إن المنافقين لم يحصل منهم إيمان أصلاً ، بل هم ثابتون على الكفر ، وايضاحه أن ثم للترتيب الاخباري ، معناه أنهم آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم . قوله : ( لجمالها ) قال ابن عباس : كان ابن أبي جسيماً صحيحاً فصيحاً طلق اللسان ، وكان قوم من المنافقين مثله ، وهم رؤساء المدينة ، وكانوا يحضرون مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ، ويستندون فيه إلى الجدر ، وكان النبي ومن حضر يعجبون بهياكلهم . قوله : { وَإِن يَقُولُواْ } أي يتكلموا في مجلسك . قوله : { تَسْمَعْ } أي تسمع بمعنى تصرخ . قوله : { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } الجملة حالية من الضمير في قولهم أو مستأنفة . قوله : ( في ترك التفهم ) هذا بيان لوجه الشبه ، والمعنى أنهم يشبهون الاخشاب المسندة إلى الحائط ، في كونهم أشباحاً خالية عن العلم والنظر . قوله : ( بسكون الشين وضمها ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } أي إنهم من سوء ظنهم ورغب قلوبهم ، يظنون كل نداء في العسكر ، من إنشاد ضالة ، أو مناداة صاعقة عليهم ، وأنهم يرادون بذلك ، فمقتضى كلام المفسر أن { عَلَيْهِمْ } مفعول ثان ليحسبون ، قوله : { هُمُ ٱلْعَدُوُّ } جملة متسأنفة . قوله : ( لما في قلوبهم من الرعب ) متعلق بيحسبون . قوله : ( أن ينزل فيهم ) متعلق بالرعب . والمعنى لما في قلوبهم من الرعب من أن ينزل فيهم قرآن ، يكون سبباً لإباحة دمائهم . قوله : { فَٱحْذَرْهُمْ } مرتب على قوله : { هُمُ ٱلْعَدُوُّ } . قوله : { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ } إخبار بهلاكهم أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك . قوله : ( أهلكهم ) وقيل : معناه لعنهم وأبعدهم عن رحمته . قوله : ( بعد قيام البرهان ) أي على حقيقة الإيمان .