Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 1-2)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ } الخ ، هذا الخطاب مشعر بأنه صلى الله عليه وسلم على غاية من التفخيم والتعظيم ، حيث عابته على إتعاب نفسه والتضييق عليها ، من أجل مرضاة أزواجه ، كأن الله تعالى يقول له : لا تتعب نفسك في مرضاة أزواجك ، بل أرح نفسك ولا تتعبها ، وأزواجك يسعون في مرضاتك فإن سعين في مرضاتك سعدن ، وإلا فلا . قوله : ( من أمتك مارية القبطية ) هذا قول أكثر المفسرين . ومحصله : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه ، فلما كان يوم حفصة ، استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أبويها فأذن لها ، فلما خرجت ، ارسل إلى جاريته مارية القبطية ، التي أهداها له المقوقس ملك مصر ، فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها ، فلما رجعت حفصة وجدت الباب مغلقاً ، فجلست عند الباب ، فخرج النبي ووجهه يقطر عرقاً وحفصة تبكي ، فقال لها : ما يبكيك ؟ فقالت : إنما أذنت لي من أجل ذلك ، أدخلت أمتك بيتي ، ثم وقعت عليها في يومي على فراشي ، أما رأيت لي حرمة وحقاً ؟ فقال : أليست هي جاريتي قد أحلها الله لي ؟ وهي عليَّ حرام التمس بذلك رضاك ، ولا تخبري بهذا امرأة منهن ، فلما خرجت قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت : ألا أبشرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه أمته مارية ، وإن الله قد أراحنا منها ، وأخبرتها بما رأت ، وكانتا متصافيتين متظاهرتين على سائر ازواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : إن الذي حرمه على نفسه هو شرب العسل ، وهو ما في الصحيحين ، لما روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الحلواء والعسل ، وكان إذا صلى العصر ، دار على نسائه ، فيدنو من كل واحدة منهن ، فدخل على حفصة بنت عمر ، فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس ، فسألت عن ذلك فقيل لي : أهدت إليها امرأة من قومها عكة عسل ، فسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شربة ، فقلت : والله لنحتالن له ، فذكرت ذلك لسودة وقلت لها : إذا دخل عليك ودنا منك فقولي له : يا رسول الله أكلت مغافير ؟ بغين معجمة وفاء بعدها ياء وراء ، جمع مغفور بالضم كعصفور أي صمغاً حلواً له رائحة كريهة ، ينضجه شجر يقال له العرفط بضم العين المهملة والفاء يكون في الحجاز له رائحة كرائحة الخمر ، فإنه سيقول لك : لا ، فقولي له : وما هذه الريج ؟ وكان صلى الله عليه وسلم يكره أن يوجد منه الريح الكريه ، فإنه سيقول لك : سقتني حفصة شربة عسل ، فقولي له : أكلت نحلة العرفط حتى صار فيه ، أي في العسل ، ذلك الريح الكريه ، وإذا دخل علي فأسقول ذلك ، وقولي أنت وصفية ذلك ، فلما دخل على سودة قالت له مثل علمتها عائشة ، وأجابها بما تقدم ، فلما دخل على صفية قالت له مثل ذلك ، فلما دخل على عائشة قالت له مثل ذلك ، فلما كان اليوم الآخر ، دخل على حفصة قالت له : يا رسول الله ألا أسقيك منه ؟ قال : لا حاجة إلي به ، قالت : إن سودة تقول : سبحان الله لقد حرمناه منه ، فقال لها : اسكتي اهـ . قوله : ( حيث قلت ) ظرف لقوله : { لِمَ تُحَرِّمُ } أو تعليل له . قوله : { تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ } حال من فاعل { تُحَرِّمُ } والمعنى : لا ينبغي لك أن تشتغل بما يرضي الخلق ، بل اللائق أن أزواجك وسائر الخلق تسعى في مرضاتك . قوله : ( أي رضاهن ) مصدر مضاف لفاعله أو مفعوله . قوله : ( شرع ) أي فالمراد بالفرض الشرع والمعنى بين واظهر وجعل لكم تحلة أيمانكم ، والضمير عائد عليه وعلى أمته . قوله : { تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } مصدر حلل ككرم تكرمة ، فأصله تحلله فأدغم . قوله : ( تحليلها بالكفارة ) ألخ ، اشار إلى أن التحلة تحليل اليمن ، فكأنه عقد وتحلته بالكفارة . قوله : ( ومن الأيمان تحريم الأمة ) أي بقوله : أنت علي حرام ، فتجب به كفارة يمين عند الشافعي ، وعند مالك التحريم في غير الزوجة لغو ، لا يلزم به شيء ، ما لم يقصد به الأمة عتقها ، وإلا فيلزمه عتقها ، وأما التحريم في الزوجة ، فعند الشافعي إن نوى به الطلاق وقع ، وإلا فيلزمه كفارة يمين ، وعند مالك يلزمه به الطلاق الثلاث إن كان مدخولاً بها ، وواحدة في غير الدخول بها ، وإن لم ينو به حل العصمة . قوله : ( قال مقاتل ) الخ أي وبه أخذ الشافعي . قوله : ( وقال الحسن لم يكفر ) الخ ، أي وبه اخذ مالك ، والأصل عدم الخصوصية إلا بدليل . قوله : { وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ } أي متولي أموركم .