Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 48-52)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } الخ ، نزلت هذه الآية بأحد ، حين فر أصحاب رسول الله بإغراء المنافقين ، فأراد أن يدعو على الذين انهزموا ، وقيل : نزلت حين ضاق صدره من أهل مكة ، خرج يدعو ثقيفاً ، فأغروا به سفهاءهم ، وصاروا يضربونه بالحجارة حتى أدموا قدمه الشريف ، فأراد أن يدعو عليهم ، فعلى الأول تكون مدنية ، وعلى الثاني تكون مكية . قوله : { إِذْ نَادَىٰ } منصوب بمضاف محذوف ، والتقدير : ويكن حالك كحاله في وقت ندائه . قوله : { وَهُوَ مَكْظُومٌ } الجملة حال من ضمير { نَادَىٰ } . قوله : ( مملوء غماً ) أي من أجل خوفه من الله تعالى حيث خرج من غير إذن ، فظن أن الله آخذه بذلك ، وقيل : معنى مكظوم محبوس ، ومنه قولهم فلان يكظم غيظه أي يحبس غضبه . قوله : { نِعْمَةٌ } اختلف في المراد بها ، فقيل : الرحمة وهو الذي اختاره المفسر ، وقيل : هي العصمة ، وقيل : نداؤه بقوله { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] . قوله : ( بالأرض الفضاء ) أي الخالية من النبات والأشجار والجبال . قوله : { وَهُوَ مَذْمُومٌ } أي مؤاخذ بذنبه ، والجملة حال من نائب فاعل نبذ ، وهو محط النفي المستفاد من { لَّوْلاَ } . قوله : ( لكنه رحم ) الخ ، أشار بذلك إلى أن { لَّوْلاَ } حرف امتناع لوجود ، والممتنع الذم ، والمعنى : امتنع ذمه لسبق العصمة له ، فجتباه ربه وجعله في الصالحين فيونس لم تحصل منه معصية أبداً ، لا صغيرة ولا كبيرة ، وإنما خروجه من بينهم ، باجتهاد منه ، وعتابه من الله من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين ، وتقدم ذلك مفصلاً . قوله : { فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ } عطف على مقدر ، والمعنى : فأدركته نعمة من ربه فاجتباه . قوله : ( بالنبوة ) هذا مبني على أنه وقت هذه الواقعة لم يكن نبياً ، وإنما نبئ بعدها وهو أحد قولين ، والآخر أنه كان نبياً ، ومعنى اجتباه اختاره واصطفاه ورقاه مرتبة أعلى من التي كان فيها . قوله : { فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } أي الكاملين في الصلاح ، قال ابن عباس : رد الله عليه الوحي ، وشفعه في نفسه وفي قومه ، وقبل توبته وجعله من الصالحين ، بأن أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون ، فهداهم الله بسبب صبره . قوله : { وَإِن يَكَادُ } { وَإِن } مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن . قوله : ( بضم الياء وفتحها ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فالضم من أزلق ، والفتح من زلق . قوله : { بِأَبْصَارِهِمْ } الباء إما للتعدية أو السببية . قوله : ( أي ينظرون إليك نظراً شديداً ) أي فليس المراد أنهم يصيبونه بأعينهم ، كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه . وإنما المراد أنهم ينظرون إليه نظراً شديداً بالعداوة والبغضاء ، وهذا ما مشى عليه المفسر ، وقيل : أرادوا أن يصيبوه بالعين ، فنظر إليه قوم من قريش المجربة اصابتهم ، فعصمه الله وحماه من أعينهم فلم تؤثر فيه فنزلت ، وذكر العلماء أن العين كانت في بني أسد من العرب ، وكان إذا أراد أحد منهم أن يصيب أحداً وفي نفسه أو ماله ، جوع نفسه ثلاثة أيام ، ثم يتعرضون للمعيون أو ماله فيقول : ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكبر ولا أحسن ، فيهلك المعيون هو وماله ، وهذه الآية تنفع كتابه وقراءة للمعيون ، فلا تضره العين . قوله : { لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْرَ } ظرف { لَيُزْلِقُونَكَ } . قوله : ( حسداً ) أي وبغضاً وتنفيراً عنه . قوله : { وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } الجملة حالية من فاعل { يَقُولُونَ } مفيدة لبطلان قولهم ، وتعجب السامعين حيث جعلوا عظة للعالمين ، ويذكرهم سبباً لجنون من أتى به ، وهذا دليل على سخافة عقلهم وسوء رأيهم ، لأن هذا القرآن لا يدركه إلا من كان كامل العقل ، فكيف بمن نزل على قلبه ؟