Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 43-45)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } أي خلقناكم في الجنة مطهرين منه ، لا أنهم دخلوا الجنة به ثم نزع ، وحكمه نزع الغل من صدور أهل الجنة ، أن كل أحد منهم أعطي فوق أمانيه أضعافاً مضاعفة . قوله : ( حقد كان بينهم في الدنيا ) الحقد هو ضيق الصدر من الغير ، وهو رأس الحسد ، وهو معصية قلبية تجب التوبة منه ، ومجاهدة النفس لتخلص منه ، ومن هنا افترق كبار الصالحين من صغارهم . واعلم أن الناس ثلاثة أقسام : قسم خلصت قلوبهم من الأمراض الباطنية ، فهم في الدنيا كأهل الجنة في الجنة ، يحبون للناس ما يحبونه لأنفسهم ، وهم الأنبياء ومن كان على قدمهم ، وقسم لم تخلص قلوبهم ، غير أنهم لم يرضوا لأنفسهم بذلك ، ويلومون أنفسهم على ما في قلوبهم ، وهؤلاء المجاهدون لأنفسهم ، ولا يؤاخذون بذلك حينئذ ، وقسم لم تخلص قلوبهم ، وهم راضون لأنفسهم بذلك ، وهؤلاء فساق يجب عليهم مجاهدة نفوسهم في تخليصهم من تلك الآفات . قوله : ( تحت قصورهم ) أي بجانب جدارها ، وليس المراد أنها تجري من تحت الجدار . قوله : { ٱلَّذِي هَدَانَا } أي أرشدنا ووفقنا . قوله : ( العمل الذي هذا جزاؤه ) كذا في نسخة ، وفي نسخة أخرى لعمل هذا جزاؤه ، وفي أخرى لهذا العمل هذا جزاؤه . قوله : { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ } بالواو ودنها قراءتان سبعيتان ، والجملة إما مستأنفة أو حالية على كل . قوله : ( لدلالة ما قبله عليه ) أي وهو قوله : { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ } والتقدير ولولا هداية الله لنا موجودة ما اهتدينا . قوله : { لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } هذا إقسام من أهل الجنة شكراً لنعم الله وتحدثنا بها ، والمعنى أن ما أخبرونا به في الدنيا من الثواب حق وصدق لمشاهدتنا له عياناً . قوله : { وَنُودُوۤاْ } يحتمل أن المنادي هو الله ويحتمل أنه الملائكة . قوله : ( مخففة ) أي واسمها ضمير الشأن ، وخبرها الجملة بعدها . قوله : ( أو مفسرة ) أي لأنه تقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه ، وهو قوله : { وَنُودُوۤاْ } . قوله : ( في المواضع الخمسة ) أي من هنا إلى قوله : { أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ } . قوله : { تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ } اسم الإشارة مبتدأ ، والجنة خبر ، وقوله : { أُورِثْتُمُوهَا } حال من الجنة ، أو الجنة نعت لاسم الإشارة وأورثتموها خبره ، وأتى باسم الإشارة البعيدة إشارة لعظم رتبتها ومكانتها على حد ذلك الكتاب . قوله : { أُورِثْتُمُوهَا } أي من الكفار ، لأن الله خلق في الجنة منازل للكفار بتقدير إيمانهم ، فمن لم يؤمن منهم جعل منزلة لأهل الجنة فكل واحد من أهل الجنة يأخذ منازل تسعمائة وتسعة وتسعين من أهل النار تضم لمنزله ، فيجتمع له ألف منزل ، فلما كان الغالب منها ميراثاً أطلق على جميعها اسم الميراث ، وحكمة إطلاق اسم الارث عليها ، أن الكفار سماهم الله أمواتاً بقوله : { أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ } [ النحل : 21 ] المؤمنين أحياء ، ومن المعلوم أن الحي يرث الميت . قوله : { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } الباء سببية ، وما مصدرية ، أي بسبب عملكم . إن قلت ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لن يدخل الجنة أحد بعمله ، قيل ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته " أجيب بأن الآية محمولة على العمل المصحوب بالفضل ، والحديث محمول على العمل المجرد عنه . قوله : { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ } إن قلت : إذا كانت الجنة في السماء والنار في الأرض ، فكيف يسمعون النداء ؟ أجيب : بأن القيامة خارقة للعادة ، فلا مانع من وصول النداء لهم ، وهذا النداء من كل فرد من أفرد أهل الجنة ، لكل فرد من أفراد أهل النار ، لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة على الآحاد . قوله : { مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً } تسميته وعداً مشاكلة ، وإلا فالاخبار بالشر إيعاد ولا وعد ، وقدر المفسر الكاف إشارة إلى أن مفعول وعد محذوف ، وقوله : ( من العقاب ) بيان لما . قوله : ( نادى مناد ) قيل هو إسرافيل ، وقيل غيره من الملائكة . قوله : ( أسمعهم ) تفسير لقوله : { بَيْنَهُمْ } . قوله : { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ } نعت للظالمين . قوله : ( معوجة ) أي مائلة عن الحق ، والمعنى أنهم يغيرون دين الله وطريقته التي شرع لعباده . قوله : ( حاجز ) أي يمنع وصول كل منهما للآخر . قوله : ( استوت حسناتهم وسيئاتهم ) هذا قول من ثلاثة عشر قولاً ، وقيل : أولاد المشركين الذين ماتوا صغاراً ، وقيل : أناس خرجوا للغزو في سبيل الله من غير إذن آبائهم ثم قتلوا ، وقيل : ناس بروا آباءهم دون أمهاتهم وبالعكس ، وقيل إنهم عدول القيامة يشهدون على الناس بأعمالهم وهم في كل أمة . قوله : ( كما في الحديث ) أي وهو أن الله يحاسب الناس يوم القيامة ، فمن كانت حسناته أكثر بواحدة دخل الجنة ، ومن كانت سيئاته أكثر بواحدة دخل النار ، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف ، فوقفوا على الأعراف ، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوهم : { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } [ الأعراف : 46 ] سلام عليكم ، وإذا نظروا إلى أهل النار قالوا : { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأعراف : 47 ] فهناك يقول الله تعالى : { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } [ الأعراف : 46 ] فكأن الطمع دخولاً .