Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 4-12)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَغْفِرْ لَكُمْ } مجزو في جواب الأوامر الثلاثة . قوله : ( من زائدة ) أي على رأي الأخفش القائل : بأنه لا يشترط في زيادتها تقدم نفي وكون مدخولها نكرة . قوله : ( فإن الإسلام ) الخ ، تعليل لما قبله ، والمعنى : أن الإِسلام يغفر به ما تقدمه من الذنوب ولو حقوق العباد ، فلا يؤاخذ بها في الآخرة . قوله : ( لإخراج حقوق العباد ) أي فإنها لا تغفر بالإِسلام ، أي فيطالب الكافر إذا أسلم ، بالحدود وبالأموال التي ظلم فيها ، والديون المستقرة في ذمته . قوله : ( بلا عذاب ) جواب عن سؤال مقدر ، كيف قال { وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } مع أنه قال في الآية الأخرى { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ } [ المنافقون : 11 ] ؟ فالجواب : أن المراد بالأجل هنا أولاً وثانياً العذاب ، وهو معلق على ترك الإيمان ، وفي الآية الأخرى انتهاء العمر ، وهو لا يتقدم ولا يتأخر ، آمنوا أم لم يؤمنوا . قوله : { مُّسَمًّى } أي معلوم عند الله لا يزيد ولا ينقص . قوله : { إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ } أضاف الأجل له سبحانه ، لأنه هو الذي أثبته ، وقد يضاف إلى القوم كما في قوله : { إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } [ يونس : 49 ] لأنه مضروب لهم . قوله : ( لآمنتم ) أشار بذلك إلى أن { لَوْ } شرطية . قوله : { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ } بفتح الياء وسكونها قراءتان سبعيتان . قوله : { إِلاَّ فِرَاراً } مفعول ثان ليزدهم ، وهو استثناء من محذوف ، والتقدير : فلم يزدهم دعائي شيئاً من أحوالهم التي كانوا عليها إلا فراراً ، أي بعداً واعراضاً عن الإيمان . قوله : { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ } { كُلَّمَا } معمول لجعلوا ، والجملة خبر إن ومعمول { دَعَوْتُهُمْ } محذوف ، والتقدير إلى الإيمان بك لأجل مغفرتك . قوله : ( لئلا ينظروني ) أي فكرهوا النظر إلي من فرط كراهتهم دعوتي ، فقد خالفوه باطناً بالإصرار والاستكبار ، وظاهراً بتعطيل الأسماع والأبصار ، ولا أقبح من هذه المخالفة . قوله : { جِهَاراً } إما نعت مصدر محذوف أي دعاء جهاراً ، أو حال على حد زيد عدل ، والمعنى : أنه فعل عليه السلام كما يفعل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ابتدأ أولاً بالأهون ، ثم ترقى للأشد فالأشد ، فافتتح بالسر ؛ فلما لم يفد ثنى بالجهر ، فلما لم يفد ثلث بالجمع بين السر والجهر ، وتم للدلالة على تباعد الأحوال . قوله : { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } أي اطلبوا منه محو ذنوبكم بأن تأمنوا به وتتقوه ، فليس المراد بالاستغفار مجرد قول أستغفر الله ، فمن لازم الاستغفار ، جعل الله له من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، عن الحسن أن رجلاً شكا إليه الجدب ، فقال : استغفر الله ، وشكا إليه آخر الفقر ، وشكا إليه آخر قلة النسل ، وآخر قلة ريع أرضه ، فأمرهم كلهم بالاستغفار ، فقال الربيع بن صبيح : أتاك رجال يشكون إليك أبواباً ، ويسألونك أنواعاً ، فأمرتهم كلهم بالاستغفار ، فتلا الآية . قوله : ( وكانوا قد منعوه ) أي لما كذبوا نوحاً ، حبس الله عنهم المطر ، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة ، فهلكت أموالهم ومواشيهم فقال لهم نوح { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } الخ . قوله : { مِّدْرَاراً } حال من السماء ، لم يؤنث لأن مفعالاً يستوي فيه المذكر والمؤنث . قوله : ( بساتين ) أشار بذلك إلى أن المراد جنات الدنيا ؛ وكرر فعل الجعل ، ولم يقل يجعل لكم جنات وأنهاراً ، لتغير المعمولين ، فإن الجنات مما لهم فيها مدخل بخلاف الأنهار ، ولذا قال { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } ولم يقل يجعل لتغير المعمول .