Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 1-7)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلنَّازِعَاتِ } الخ ، اعلم أن الله تعالى أقسم بخمسة أقسام موصوفها محذوف ، فاختلف المفسرون في تقدير الموصوف في الأربعة الأول ، فبعضهم قدره الملائكة ، وبعضهم قدره النجوم ، وأما الخامس فالمراد بهم الملائكة بالإجماع ، والتأنيث في الأوصاف ظاهر إن كان المراد النجوم ، وإن كان الملائكة فالتأنيث باعتبار الطائفة كأنه قال : والطائفة النازعات ، ومشى المفسر على أن المراد بها الملائكة وهو ظاهر . قوله : ( الملائكة تنزع أرواح الكفار ) الخ ، قال ابن مسعود : إن ملك الموت واعوانه ينزعون روح الكافر ، كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل ، قوله : { غَرْقاً } إما مصدر على حذف الزوائد بمعنى اغراقاً ، فهو ملاق لعامله في المعنى كقمت وقوفاً أو حال أي ذوات اغراق ، يقال : اغرق في الشيء إذا بلغ أقصى غايته . قوله : ( نزعاً بشدة ) أي لما ورد : " أن كل نزعة اعظم من سبعين ألف ضربة بالسيف ، " ويرى أن السماوات السبع انطقبت على الأرض وهو بينهما . قوله : ( تنشط أرواح المؤمنين ) بفتح أوله وكسر ثانيه من باب ضرب ، يقال : نشط في عمله خف وأسرع فيه ، وأنشطت البعير من عقاله أطلقته ، و { نَشْطاً } وما بعده مصادر مؤكدة لعواملها ، والسبب في شدة نزع ارواح الكفار ، وسهولة نزع ارواح المؤمنين ، أن كلاًّ يرى قبل الموت مقعده الذي أعد له ، فالمؤمن يزداد فرحاً وشوقاً ، فلا يشاهد ألماً ولا يحس به ، والكافر تأبى روحه الخروج ، لمزيد الحزن والكرب الذي تجده عنده رؤية مقعدها في النار ، فتنزع كرهاً بشدة فيجدها الكافر . قوله : { وَٱلسَّابِحَاتِ } أي الملائكة النازلين برفق ولطافة ، كالسابح في الماء ، وكالفرس الجواد إذ أسرع في جريه لقبض الأرواح ، فملائكة الرحمة تذهب للمؤمن ، وملائكة العذاب تذهب للكافر ، فقول المفسر ( بأمره تعالى ) محمول على أمر خاص ، وهو قبض الأرواح كما علمت ، لترتب قوله : { فَٱلسَّابِقَاتِ } عليه ، وأما التدبير العام فيأتي في قوله : { فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } . قوله : ( تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة ) أي وبأرواح الكفار إلى النار ، في الكلام اكتفاء ، وحينئذ فتلك الأوصاف الأربعة للملائكة التي تقبض الأرواح . قوله : ( الملائكة تدبر أمر الدنيا ) أي وهم جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل ، فجبريل موكل بالرياح والجنود ، وميكائيل موكل بالقطر والنبات ، وعزرائيل موكل بقبض الأرواح ، واسرافيل موكل بالصور ، قوله : ( أي تنزل بتدبيره ) أشار بذلك إلى أن اسناد التدبير إلى الملائكة مجاز ؛ والمدبر حقيقة الله تعالى ، فهم أسباب عادية مظهر للتدبير ، قوله : ( لتبعثن يا كفار مكة ) خصهم وإن كان البعث عاماً للمسلم والكافر ، لأن القسم إنما يكون للمنكر ، والمسلم مصدق بمجرد الإخبار ، فلا يحتاج للإقسام . قوله : ( بها يرجف كل شيء ) أي فهذا وجه تسميتها راجفة . قوله : { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } سميت بذلك لأنها تردفها وتأتي بعدها ، ولا شيء بينهما . قوله : ( فاليوم واسع ) الخ ، جواب عما يقال : إن وقت الراجفة موت لا بعث ، فكيف يجعل ظرفاً لتبعثن المقدر ؟ وإيضاح جوابه : البعث يحصل في الوقت الذي يجمع النفختين إذ هو متسع ، فكأنه قال : تبعثن وقت حصول النفخة الأولى المتبوعة بالنفخة الثانية . قوله : ( للبعث ) أي المقدر جواباً للقسم .