Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 1-7)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } الخ ، إنما أتى بضمائر الغيبة ، تلطفاً به صلى الله عليه وسلم واجلالاً له ، لما في المشافهة بتاء الخطاب ، ما لايخفى من الشدة والصعوبة ، وهذا نظير تقديم العفو على العتاب في قوله : { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } [ التوبة : 43 ] { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ } [ الانفال : 68 ] الخ ، وناهيك بذلك محبة وشرفاً ، ومن ذلك قول عائشة : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك ، فسيئات المحبوب حسنات ، قال أبو الحسن الشاذلي : واجعل سيئاتنا سيئات من أحببت . قوله : ( كلح ) بالتخفيف من باب خضع ، ووجه فاعل . قوله : { أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } تنازعه كل من عبس وتولى ، أعمل الأول على مذهب الكوفيين ، والثاني على مذهب البصريين ، واضمر في المهمل وحذف . قوله : ( عبد الله ) أي ابن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي ، اشتهر بأم أبيه أم مكتوم ، واسمها عاتكة بنت عامر المخزومي ، أسلم قديماً بمكة ، وكان ابن خالة خديجة بنت خويلد ، واستخلفه صلى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته ، قتل شهيداً بالقادسية ، قال أنس بن مالك : رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء . قوله : ( فقطعه عما هو مشغول به ) ما واقعة على القول بدليل قوله : ( من يرجو إسلامه من أشراف قريش ) ففيه اطلاق ما على العاقل ، وهو مذهب سيبويه . قوله : ( الذي هو حريص على إسلامهم ) نعت لأشراف قريش ، وكان المناسب التعبير بالذين . قوله : ( فناداه ) أي وكرر ذلك ، قوله : ( مما علمك الله ) أي وهو القرآن والإسلام ، وإيضاح ما قاله المفسر : أن الأعمى جاءه وعنده صناديد قريش : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، يدعوهم إلى الإسلام ، رجاء ان يسلم أولئك الأشراف الذين كان يخاطبهم ، فيتأيد بهم الإسلام ، ويسلم بإسلامهم أتباعهم ، فتعلو كلمة الله تعالى ، فقال : يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله تعالى ، وكرر ذلك وهو لا يعلم ، فتشاغل النبي صلى الله عليه وسلم بالقوم ، فكره رسول الله قطعه لكلامه ، وعبس وأعرض عنه ، وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد ، إنما اتبعه العميا والعبيد والسفلة ، فعبس وجهه وأعرض عنه ، وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فأنزل الله هذه الآيات . إن قلت : إن ابن أم مكتوم أعطاه الله من السمع ما يغني عن البصر ، فهو وإن لم ير القوم ، لكنه لشدة سمعه ، كان يسمع مخاطبة النبي معهم ، وحينئذ فيكون اقدامه على قطع كلام رسول الله إيذاء له فيكون معصية ، فكيف يعاتب عليه صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف يقول المفسر ( ولم يدر الأعمى ) الخ ، أجيب : أن عدم علمه ، لعله من أجل دهشته بقدومه على رسول الله ، ولا شك أن جلاله صلى الله عليه وسلم وجماله يدهش العقول ، ولا سيما بالمحب المشتاق الراغب في التعليم ، وعتابه صلى الله عليه وسلم بالنظر لما علمه الله من طردهم عن رحمته ، لا بالنظر الظاهر شرعه ، وإلا فهو صلى الله عليه وسلم لم يفعل مكروهاً ، ولا خلاف الأولى ، إذ الأهم مقدم على المهم ، وإنما ذلك من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين . قوله : ( ويبسط له رداءه ) أي ويقول له : هل من حاجة ؟ قوله : { وَمَا يُدْرِيكَ } فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب ، و { مَا } استفهامية مبتدأ ، وجملة { يُدْرِيكَ } خبره ، والكاف مفعول أول ، وجملة قوله : { لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } سادة مسد المفعول الثاني . قوله : ( أي يتطهر من الذنوب ) أي لا من الشرك ، لأنه أسلم قديماً بمكة . قوله : { أَوْ يَذَّكَّرُ } عطف على { يَزَّكَّىٰ } . قوله : { فَتَنفَعَهُ } بالرفع عطف على { أَوْ يَذَّكَّرُ } . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً . قوله : { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ } أي عما عندك من الإيمان والقرآن والعلوم . قوله : { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } الجار والمجرور متعلق بتصدى ، قدم عليه رعاية للفاصلة ، وأصل { تَصَدَّىٰ } تصدد ، أبدلت الدال الثانية حرف علة . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً . قوله : ( تقبل ) أي بالإصغاء إلى كلامه . قوله : { وَمَا عَلَيْكَ } الخ { مَا } نافية ، و { عَلَيْكَ } خبر مبتدأ محذوف ، وقوله : { أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } متعلق بالمبتدأ المحذوف ، والتقدير ليس عليك بأس في عدم تزكيته .