Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 1-6)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَيْلٌ } مبتدأ ، سوغ الابتداء به كونه دعاء ، و { لِّلْمُطَفِّفِينَ } خبره ، وهذا على انه كلمة عذاب ، وأما على أنه اسم للوادي فهو معرفة ، ويجوز نصبه في غير هذا الموضع ، ويختار فيما إذا كان مضافاً أو معرفاً . قوله : ( كلمة عذاب ) أي معلمة بشدة عذابهم في الآخرة ، فهو دعاء عليهم بالهلاك ، وقوله : ( أو واد في جهنم ) أي يهوي فيه الكفار أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره ، فهما قولان ، ويمكن الجمع بأن الويل له اطلاقان . قوله : { لِّلْمُطَفِّفِينَ } جمع مطفف ، وهو الذي يأخذ في كيل أو وزن شيئاً قليلاً ، ومنه قولهم دون الطفيف ، أي الشيء التافه لقلته ، وهذا الوعيد يلحق كل من يأخذ لنفسه زائداً ، ويدفع إلى غيره ناقصاً قليلاً أو كثيراً ، لكن إن لم يتب منه ، فإن تاب قبلت توبته ، ومن فعل ذلك وأصر عليه ، كان مصراً على كبيرة من الكبائر ، وذلك لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات ، وهي مبنية على أمر الكيل والوزن والذرع ، فلهذا السبب ، عظم الله أمر الكيل والوزن ، قال نافع : كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول : اتق الله وأوف الكيل والوزن ، فإ المطففين يوقفون يوم القيامة حتى يلجمهم العرق ، فيكون عرقهم على قدر تفاوتهم في التطفيف ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً ، وفي الحديث الصحيح : " خمس بخمس ، ما نقض العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إي الزنا إلا فشا فيهم الموت ، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين من القحط ، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر " . قوله : { عَلَى ٱلنَّاسِ } متعلق باكتالوا ، و { عَلَى } بمعنى ( من ) كما قال المفسر ، ويصح أن يكون متعلق بيستوفون ، قدم لإفادة الاختصاص ، والمعنى : يستوفون على الناس خاصة ، وأما لأنفسهم فيستوفون لها . قوله : { يَسْتَوْفُونَ } أي يزيدون على حقهم ، وليس المراد يستوفون حقهم فقط ، إذ ليس في ذلك نهي ، قوله : ( أي كالوا لهم ) أشار بذلك إلى أن ضمير { هُمْ } في محل نصب مفعول لكالوا ، تعدى إليه الفعل بنفسه بعد حذف اللام ، وليس ضمير رفع مؤكداً للواو . قوله : { أَوْ وَّزَنُوهُمْ } حذفه مما تقدم لدلالة هذا عليه . قوله : { يُخْسِرُونَ } جواب { إِذَا } . قوله : ( استفهام توبيخ ) أي فلا نافية ، دخل عليها همزة الاستفهام ، فألا هنا ليست استفتاحية ، بل هي همزة الاستفهام ، دخلت على لا النافية ، فأفادت التوبيخ والإنكار . قوله : { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ } إلخ ، أشار المفسر إلى أن الظن بمعنى اليقين ، أي لا يوقن أولئك ، إذ لو أيقنوا ما نقصوا في الكيل الوزن ، وقيل : الظن بمعنى التردد ، والمعنى : إن كانوا لا يستيقنون بالبعث ، فهلا ظنوه حتى يتدبروا ويأخذو بالأحواط ، وأولئك اشارة للمطففين ، أتى بها نظراً إلى بعدهم عن مرتبة الأبرار ، وعدهم من الأشرار . قوله : ( فناصبه مبعوثون ) أي مقدراً ، لأن البدل على نية تكرار العامل . قوله : ( حقاً ) أي فكلا كلام مستأنف ، فالوقف على ما قبلها ، وقيل : إنها كلمة ردع وزجر ، والعنى : ليس الأمر على ما هم عليه من بخس الكيل والميزان ، فعلى هذا يكون الوقف عليها .