Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 1-7)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } أي صاحبة الطرق والمنازل التي تسير فيها الكواكب السبعة ؛ سميت بروجاً لظهورها ، لأن البرج في الأصل الظاهر من التبرج ، ثم صار حقيقة عرفية للقصر العالي لظهوره . قوله : ( تقدمت في الفرقان ) نصه هناك { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً } [ الفرقان : 61 ] اثني عشر : الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت ، وهي منازل الكواكب السبعة السيارة : المريخ وله الحمل والعقرب ، والزهرة ولها الثور والميزان ، وعطارد وله الجوزاء والسنبلة ، والقمر وله السرطان ، والشمس ولها الأسد ، والمشتري وله القوس والحوت ، ، وزحل وله الجدي والدلو . انتهى . قوله : { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } أي الموعود به ، فيه الحذف والإيصال . قوله : ( يوم الجمعة ) خص مع أن باقي الزمان يشهد كذلك لاختصاصه بمزية ، وهي كونه فيه ساعة إجابة واجتماع الناس . قوله : ( كذا فسرت الثلاثة في الحديث ) أي وهو ما روي : " اليوم الموعود يوم القيامة ، واليوم المشهود يوم عرفة ، والشاهد يوم الجمعة " خرجه الترمذي ، واختلف في تفسير الشاهد والمشهود على أقوال كثيرة : منها ما ذكره في الحديث ، ومنها الشاهد يوم التروية والمشهود يوم عرفة ، ومنها الشاهد هو الله والمشهود يوم القيامة ، ومنها الشاهد هم الأنبياء والمشهود عليهم هم الأمم ، ومنها الشاهد أعضاء الإنسان والمشهود عليه هو ابن آدم ، ومنها غير ذلك ، والأحسن أن يراد ما هو أعم . ولذلك نكرهما ليعم كل شاهد ومشهود . قوله : ( محذوف صدره ) أي لأن المشهور عن النحاة ، أن الماضي المثبت المتصرف الذي لم يتقدم معموله ، إذا وقع جواباً للقسم تلزمه اللام ، وقد لا يجوز الاقتصار على أحدهما ، إلا عند طول الكلام أو في ضرورة . قوله : ( تقديره لقد ) { قُتِلَ } الخ ، أي وعليه فالجملة خبرية ، والأصل فيها الدعاء . قوله : ( الشق في الأرض ) أي فالأخدود مفرد وجمعه أخاديد . قوله : ( بدل اشتمال منه ) أي لأن الأخدود مشتمل على النار . قوله : ( ما توقد به ) أي فالوقود بالفتح الاسم ، وأما بالضم فهو المصدر . قوله : { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } ظرف لـ { قُتِلَ } والمعنى : حين حرقوا بالنار قاعدين عليها في مكان مشرف عليها من حافات الأخدود . قوله : { شُهُودٌ } أي يشهد بعضهم لبعض عند الملك ، بأن أحداً لم يقصر فيما أمر به ، فهو من الشهادة بمعنى تأديه الخبر ، أو المراد يشهدون بما فعلوا بالمؤمنين ، فهو من الشهادة بمعنى الحضور ، وعليه اقتصر المفسر . قوله : ( روى أن الله أنجى المؤمنين ) الخ ، أي وكانوا سبعة وسبعين ، وهؤلاء لم يرجعوا عن دينهم ، والذين رجعوا عشرة أو أحد عشرة . وقوله : ( إلى من ثم ) أي إلى من هم قعود على الأخدود ، ولم يرد نص بتعيينهم ، واعلم أن اختلف المفسرون في أصحاب الأخدود ، فروي عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت ، فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاماً يعلمه ، وكان في طريقه إذا سلك إليه راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه . وإذا رجع من الساحر قعد إلى الراهب ، وسمع كلامه ، فإذا أتى أهله ضربوه ، فشكا ذلك إلى الراهب فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر ، فبينما هو كذلك ، إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال : اليوم أعلم الراهب أفضل أم الساحر ؟ فأخذ حجراً ثم قال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر ، فاقتل هذه حتى يمضي الناس ، فرماها فقتلها ، فمضى الناس ، فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب : أي بني أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل علي ، فكان الغلام يبرئ الأكمة والأبرص ويداوي الناس بسائر الأدواء ، فسمع جليس الملك وكان قد عمي ، فأتاه بهدايا كثيرة فقال : ما هنالك أجمع إن أنت شفيتني ، قال : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله عز وجل ، فإن آمنت بالله دعوت الله عز وجل فشفاك ، فآمن بالله فشفاه الله عز وجل ، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس ، فقال له الملك : من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي ، قال : ولك رب غيري ؟ قال : الله ربي وربك ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دله على الغلام ، فجيء بالغلام فقال الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص ، وتفعل وتفعل ، فقال : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله عز وجل ، فأخذ فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب ، فجيء بالراهب فقيل له : ارجع إلى دينك فأبى ، فدعا بالمنشار ، فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ، ثم جيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك فأبى ، فدعا بالمنشار ، فوضع المنشار في مفرق رأسه ، فشقه به حتى وشع شقاه ، ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال لهم : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا ، فاصعدوا به الجبل ، فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فاطرحوه ، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال : اللهم أكفنيهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل فسقطوا ، وجاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله ، فدفعه إلى نفسر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور ، فتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه ، فذهبوا به فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشيي إلى الملك ، فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله تعالى ، فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ، قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ثم تأخذ سهماً من كنانتي ، ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام ، ثم ارمني ، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ، فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ، ثم أخذ سهماً من كنانته ، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : بسم الله رب الغلام ، ثم رماه فوقع السهم في صدغه ، فوضع يده على صدغه موضع السهم فمات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ثلاثاً ، فأتى الملك فقال له : أرأيت ما كنت تحذر ؟ فقد والله نزل بك حذرك ، قد آمن الناس ، فأمر بالأخدود فخدت بأفواه السكك ، وأضرم النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فاحموه ، ففعلوا حتى جاءت امرأة معها صبي لها ، فتقاعست أن تقع فيها ، فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق " . وروي عن مقاتل : كانت الأخاديد ثلاثة : واحدة بنجران باليمن ، وأخرى بالشام ، وأخرى بفارس ، حرق أصحابها بالنار . أما التي في الشام والتي بفارس ، فلم ينزل الله فيهما قرآناً ، وأنزل في التي كانت بنجران ، وذلك أن رجلاً مسلماً ممن يقرأ الإنجيل ، أجر نفسه في عمل وجعل يقرأ الإنجيل ، فرأت بنت المستأجر النور يعني من قراءة الإنجيل ، فذكرت لأبيها فسأله فلم يخبره ، فلم يزل به حتى أخبره بالدين والإسلام فتابعه على دينه هو وسبعة وثمانون إنساناً ما بين رجل وامرأة ، وهذا بعد ما رفع عيسى إلى السماء ، وقيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة ، فسمع ذلك الرجل اسمه يوسف بن ذي نواس ، فخذلهم في الأرض وأوقد لهم فيها ، فعرضهم على الكفر ، فمن أبى أن يكفر قذفه في النار ، ومن رجع عن دين عيسى لم يقذفه . وروي أن امرأة جاءت ومعها ولد صغير لا يتكلم ، فلما قامت على شفير الخندق ، نظرت إلى ابنها فرجعت عن النار ، فضربت حتى تقدمت فلم تزل كذلك ثلاث مرات ، فلما كانت في الثالثة ذهبت ترجع ، فقال لها ابنها : يا أماه إني أرى أمامك ناراً لا تطفأ ، يعني نار جهنم ، إن لم تقعي في هذه النار ، فلما سمعت ذلك قذفاً جميعاً أنفسهما في النار ، فجعلهما الله في الجنة ، فقذف في النار في يوم واحد سبعة وسبعين إنساناً . وروي غير ذلك .