Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 87, Ayat: 1-5)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ } الأمر وإن كان للنبي ، إلا أن المراد منه العموم ، لأن الأصل عدم الخصوصية إلا لدليل ، قوله : ( أي نزه ربك ) أي اعتقد أنه منزه عن كل ما لا يليق به ، في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه ، فتنزيه الذات اعتقاد أنها ليست كالذوات ، فلا توصف بالجوهرية ولا بالعرضية ، ولا بالكبر ولا بالصغر ؛ ولا بغير ذلك من أوصاف الحدوث ، وتنزيه الصفات اعتقاد أنها ليست حادثة ولا متناهية ولا ناقصة ، وتنزيه الأفعال اعتقاد أنه تعالى ليست أفعاله كأفعاله المخلوقين ، وتنزيه الأسماء عدم ذكره بالأسماء التي توهم نقصاً بوجه من الوجوه ، وتنزيه الأحكام عدم الأغراض فيها ، فتكليفنا لأنفسنا لا لنفع يعود عليه . ( ولفظ اسم زائد ) ليس بمتعين ، بل كما تنزه الذات ينزه الاسم أيضاً ، عن أن يسمى به غيره ، ومن جملة تنزيه الاسم ، أن لا يذكر في موضع الأقذار ، بأن يذكر على وجه التعظيم والتفخيم ، في المواضع الطاهرة الفاخرة ، ومن جملة تنزيه الاسم ، استحضارك عظمة المسمى عند ذكره . قوله : { ٱلأَعْلَىٰ } من العلو وهو الارتفاع ، بمعنى القهر والغلبة والسلطنة ، فهو علو مكانة لا مكان . قوله : ( صفة لربك ) أي فهو مجرور بكسرة مقدرة على الألف ، وهذه الصفة جارية مجرى التعليل ، كأنه قال : سبح اسم ربك لكونه مرتفع المكانة ، منزهاً عن النقائض أزلاً أبداً ، ولا يصح أن يكون صفة لاسم منصوب بالفتحة المقدرة مع جعل { ٱلَّذِي خَلَقَ } الخ ، صفة لربك ، لما يلزم عليه من الفصل بين الصفة والموصوف بصفة غيره ، نظير قولك جاءني غلام هند العاقل الحسنة : وهو ممتنع ، فإن جعل الموصول نعتاً مقطوعاً جاز . قوله : { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } جواب عن سؤال مقدر ، كأنه قيل : الاشتغال بالتسبيح إنما يكون بعد معرفة المولى ، فما الدليل على وجوده ؟ فأجاب بما ذكر ، ومفعول { خَلَقَ } محذوف ، أي كل شيء . قوله : ( متناسب الأجزاء ) الخ ، أي فجعله معتدل القامة تام المنافع . قوله : { وَٱلَّذِي قَدَّرَ } مفعوله محذوف قدره بقوله : ( ما شاء ) أي من أنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها ، وغير ذلك من أحوالها ، قوله : { فَهَدَىٰ } أي أرشد ما قدره لمصالحه ، فهدى الإنسان ودله على سبيل الخير والشر ، وهدى الأنعام لمراعيها ، وجميع الدواب لمعاشها ومصالحها . قوله : { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } أي ما يرعى كالحشيش ونحوه . قوله : { غُثَآءً } بضم الغين والمد من باب قعد ، وهذا مثل ضربه الله للكفار ، بذهاب الدنيا بعد نضارتها . قوله : { أَحْوَىٰ } نعت لثغاء ، وهو ما يشر له المفسر ، وقوله : ( أسود بالياً ) أي بعد وصفه بالغثاء ، يكون أسود بالياً ، كما هو العادة في الزرع الجاف إذا تقادم ، ويطلق الأحوى على الأسود الذي يضرب الخضرة أو الأخضر الذي ضرب إلى السواد ، وعليه فيكون حالاً من المرعى ، والأصل : أخرج المرعى أحوى فجعله غثاء ، والفاء لمجرد الترتيب ، والمعنى : فمضت مدة فجعله الخ ، إذ لا يصير غثاء عقب إخراجه ، بل بعده بمدة .