Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-7)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { هَلْ أَتَاكَ } أشار المفسر إلى أن { هَلْ } بمعنى قد ، وقوله : { أَتَاكَ } أي في هذه السورة ، فالماضي إخبار عما وقع له في الحال ، ويصح أن يراد بالاستفهام ، والتعجب والتشويق إلى استماع حديثها المذكور بقوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ } الخ ، قوله : { ٱلْغَاشِيَةِ } من الغشاء وهو الغطاء ، ومنه الغشاوة وهي شيء يغطي العين . قوله : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ } الخ ، استئناف واقع في جواب سؤال مقدر تقديره وما حديث الغاشية ، و { وُجُوهٌ } مبتدأ سوغ الابتداء به وقوعه في معرض التفصيل ، و { خَاشِعَةٌ } خبره ، { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } خبران آخران . قوله : { يَوْمَئِذٍ } أي يوم إذ غشيت ، فالتنوين عوض عن جملة . إن قلت : إنه لم يتقدمها جملة يصح أن يكون التنوين عوضاً عنها . أجيب : بأن تقدمها لفظ الغاشية ، وهو في معنى الجملة ، لأن أل موصولة باسم الفاعل ، فكأنه قال التي غشيت ، فالتنوين عوض عن هذه الجملة التي انحل لفظ الغاشية إليها . قوله : ( عبر بها عن الذوات ) أي فهو مجاز مرسل من التعبير عن الكل بالجزء ، خص الوجه لأنه أشرف الأعضاء ، ولأنه يظهر عليه ذلك أولاً . قوله : ( بالسلاسل والأغلال ) أي بسبب جر السلاسل وحمل الأغلال ، وكذلك يخوضون في النار خوض الإبل في الوحل ، والصعود والهبوط في تلال النار ، قال تعالى : { إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } [ غافر : 71 - 72 ] وهذا جزاء لما ارتكبوه من إراحة أبدانهم في اللذات والشهوات قال سعيد بن جبير : تكبرت في الدنيا عن طاعة الله تعالى ، فأعملها الله تعالى وأنصبها في النار ، بجر السلاسل الثقال وحمل الأغلال والوقوف حفاة عراة في العرصات ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة . قوله : ( بضم التاء وفتحها ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، والضمير للوجوه على كل . قوله : { نَاراً حَامِيَةً } أي لأنه أوقد عليها مدة طويلة ، ففي الحديث : " أحمى عليها ألف سنة حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة " . قوله : { آنِيَةٍ } أي بلغت أناها في الحرارة ، والمعنى انتهى حرها . قوله : { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } قال أبو الدرداء والحسن : إن الله تعالى يرسل على أهل النار الجوع ، حتى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون فيغاثون بالضريع ، وهو ذو غصة فيغصون به ، فيذكرون أنهم كانوا يحيزون الغصص في الدنيا بالماء ، فيستسقون فيعطشهم ألف سنة ، ثم يسقون من عين آنية ، لا هنيئة ولا مريئة ، فإذا أدنوه من وجوههم ، سلخ جلود وجوههم وشواها ، فإذا وصل بطونهم قطعها ، فذلك قوله تعالى { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ } [ الكهف : 29 ] وقوله تعالى : { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } [ محمد : 15 ] . إن قلت : كيف حصر الطعام هنا في الضريع ، مع أنه في الحاقة قال : { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } [ الحاقة : 36 ] ؟ أجيب أن العذاب ألوان ، والمعذبون أنواع ، فمنهم من يكون طعامه الزقوم ، ومنهم من يكون طعامه الضريع ، ومنهم ما يكون الغسلين ، وهكذا . قوله : { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } كل منهما صفة لضريع ، والمعنى : لا يحصل السمن لآكله ، ولا يدفع عنه جوعاً .