Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 21-26)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ } أي حصل رجهاً وزلزلتها لتسويتها . قوله : { دَكّاً دَكّاً } ليس تأكيداً ، بل التكرار للدلالة على الاستيعاب كقولك : رتبته باباً باباً ، أي باباً بعد باب ، وكذا يقال هنا : دكاً بعد دك حتى تزول الجبال وتستوي الأرض . قوله : ( أي أمره ) دفع بذلك ما يقال : إن المجيء يقتضي الانتقال ، وهو على الله محال . فأجاب : بأن الكلام على حذف مضاف ، أي حصل أمره وظهر سلطانه وقهره وتجليه على عباده . قوله : { صَفّاً صَفّاً } أي صفاً بعد صف . لما ورد ع ابن عباس رضي الله عنهما : أن الخلائق إذا جمعوا في صعيد واحد ، الأولين والآخرين ، أمر الجليل جل جلاله بملائكة سماء الدنيا أن يتولوهم فيأخذ كل واحد منهم إنساناً وشخصاً من المبعوثين ، انساً وجناً ووحشاً وطيراً ، وحولوهم إلى الأرض الثانية ، أي التي تبدل ، وهي أرض بيضاء من فضة نورانية ، وصارت الملائكة من وراء الخلق حلقة واحدة ، فإذا هم أكثر من أهل الأرض بعشر مرات ، ثم إن الله تعالى يأمر ملائكة السماء الثانية ، فيحدقون بهم حلقة واحدة ، وإذا هم مثلهم عشرين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء الثالثة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة فإذا هم مثلهم ثلاثين ضعفاً ، ثم تنزل ملائكة السماء الرابعة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، فيكونون أكثر منهم بأربعين ضعفاً ، ثم تنزل ملائكة السماء الخامسة ، فيحدقون من ورائهم حلقة واحدة ، فيكونون مثلهم خمسين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السادسة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، وهم مثلهم ستين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السابعة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، وهم مثلهم سبعين مرة ، والخلق تتداخل وتندمج ، حتى يعلو القدم ألف قدم لشدة الزحام ، ويخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة ، إلى الأذقان وإلى الصدور وإلى الحقوين وإلى الركبتين ، ومنهم من يصيبه الرشح اليسير كالقاعد في الحمام ، ومنهم من تصيبه البلة ، بكسر الموحدة وتشديد اللام ، كالعاطش إذا شرب الماء ، وكيف لا يكون القلق والعرق والأرق ، وقد قربت الشمس من رؤوسهم ، حتى لو مد أحدهم يده لنالها ، وتضاعف حرها سبعين مرة ، وقال بعض السلف : لو طلعت الشمس على الأرض كهيئتها يوم القيامة ، لا حترقت الأرض وذاب الصخر وانشقت الأنهار ، فبينما الخلائق يمرجون في تلك الأرض البيضاء التي ذكرها الله حيث يقول : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } [ إبراهيم : 48 ] إذ جيء بجهنم الخ . قوله : { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } { يَوْمَئِذٍ } منصوب بـ { جِيۤءَ } و { بِجَهَنَّمَ } قائم مقام الفاعل قوله : ( كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك ) أي يجرونها حتى تقف عن يسار العرش ، قال أبو سعيد الخدري : " لما نزل { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } تغير لون رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف في وجهه ، حتى اشتد على أصحابه ثم قال : أقرأني جبريل { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } الآية ، { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } قال علي رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله ، كيف يجاء بها ؟ قال : يؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام ، يقول بكل زمام سبعون ألف ملك ، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ، ثم تعرض لي جهنم فتقول : ما لى ولك يا محمد ، إن الله قد حرم لحمك علي ، فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي ، إلا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يقول : يا رب أمتي أمتي " . قوله : ( لها زفير ) أي صوت شديد . قوله : ( وتغيظ ) أي غليان كغليان صدر الغضبان . قوله : ( بدل من إذا ) أي والعامل فيها يتذكر الذي هو الجواب ، وهذا مذهب سيبويه ، وقال غيره البدل على نية تكرار العامل ، فالعامل في البدل محذوف ، نظير عامل المبدل منه . قوله : { وَأَنَّىٰ } اسم استفهام خبر مقدم ، و { ٱلذِّكْرَىٰ } مبتدأ مؤخر ، و { لَهُ } متعلق بما تعلق به الظرف . قوله : ( استفهام بمعنى النفي ) أي فهو انكاري . قوله : ( للتنبيه ) أي والتحسر قوله : ( الخير والإيمان ) أشار بذلك إلى أن مفعول { قَدَّمْتُ } محذوف . قوله : { لِحَيَاتِي } اللام إما للتعليل أي لأجل حياتي هذه الكائنة في الآخرة ، أو بمعنى وقت ، والمراد بالحياة الحيا الدنيوية ، وقد أشار لها المفسر . قوله : ( بكسر الذال ) وقوله : ( بكسر الثاء ) ، أي فأحد فاعل فيهما . قوله : ( أي لا يكله إلى غيره ) أي لا يأمر غيره بمباشرته ، والمراد بالغيرة غير الملائكة ، فلا ينافي أنه تعالى يكله إلى ملائكة العذاب ، لأنهم يباشرونه بإذن الله وأمره لهم ، ويحتمل أن المعنى : لا يعذب أحد من خلق الله تعذيباً ، مثل تعذيب الله هذا الكافر ، ولا يوثق أحد من خلق الله إيثاقاً مثل إيثاق الله لهذا الكافر ، وكل صحيح . قوله : { وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } أي لا يشد ولا يربط بالسلاسل الأغلال أحد مثل ربطه وشده . قوله : ( وفي قراءة بفتح الذال والثاء ) أي وهما سبعيتان ، و { أَحَدٌ } على هذه القراءة نائب الفاعل بهما الذي هو الله تعالى ، أو الزبانية المتولون العذاب بأمره تعالى . قوله : ( مثل تعذيبه ) مصدر مضاف للمفعول وهو الكافر .