Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 90, Ayat: 1-7)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : ( زائدة ) هذا أحد احتمالين ، والآخر أنها نافية لكلام تقدمها وتقدم ذلك قوله : ( مكة ) أي لأنها مهبط الرحمات ، يجبى إليها ثمرات كل شيء ، جعلها الله حرماً آمناً ومثابة للناس ، وجعل فيها قبلة أهل الدنيا بأسرها ، وحرم فيها الصيد ، وجعل البيت المعمور بإزائه ؛ وغير ذلك من فضائلها ، فلما استجمعت تلك المزايا والفضائل ، أقسم الله تعالى بها . قوله : { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } جملة حالية جيء بها تسلية له صلى الله عليه وسلم وسلم وتعجيلاً لمسرته ، وحيث وعده فتح مكة في المستقبل ، وعبر عنه بالحال لنحقق الوقوع على حد { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [ الزمر : 30 ] وقد أنجز الله له ذلك ، فعندما نزع المغفر عنه يوم الفتح ، جاء رجل فقال : يا رسول الله ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : اقتلوه ، فقتله الزبير وخص هذا الحال ، لأن مكة وإن كانت عظيمة في نفسها ، إلا أنها تلك الحالة أعظم ، لانتقال أهلها من الظلمات إلى النور ، وفيه إشارة إلى عظم قدر المصطفى وشرف البقاع به ، فمكة زادها الله تشريفاً بقدومه بها وهو حلال . قوله : ( فالجملة اعتراض ) أي لا تعلق لها بما قبلها ولا بما بعدها ، قصد بها الإخبار بما سيكون ، والأحسن جعلها حالية كما علمت لأنه يستفاد منها تشريف مكة في تلك الحالة المستلزم زيادة تشريفه صلى الله عليه وسلم وإكرامه وتعظيمه ؛ حيث أحل له ما لم يحل لأحد قبله ولا بعده . قوله : { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } أقسم الله بهم لأنهم أعجب خلقه ، لما فيهم من البيان والنطق والتدبير ، واستخراج العلوم ، وفيهم الأنبياء والصلحاء ، ولا سيما أمر الملائكة بالسجود لآدم ، وتعليمه جميع الأسماء ، وما مشى عليه المفسر من أن المراد بما ورد ذريته ، يستفاد منه العموم الصالح والطالح ، وقيل : هو قسم بآدم والصالحين فكأنهم ليسوا من أولاده . قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ } هذا هو المقسم عليه . قوله : { فِي كَبَدٍ } بفتحين المشقة من المكابدة للشيء ، وهي تحمل المشاق في فعله ، وفي الآية إشارة إلى أنها قد أحاطت به إحاطة الظرف بالمظروف . قوله : ( يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة ) وذلك لأنه أولى ما يكابد قطع سرته ، ثم إذا قمط قماطاً وشد عليه ، يكابد الضيق والتعب ، ثم يكابد الارتضاع ، ولو فاته لضاع ، ثم يكابد بنت أسنانه وتحريك لسانه ، ثم يكابد الفطام الذي هو أشد من اللطام ، ثم يكابد الختان والأوجاع والأحزان ، ثم يكابد المعلم وصولته ، والمؤدب وسياسته ، والأستاذ وهيبته ، ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه والترويج ، ثم يكابد شغل الأولاد والخدم والأجناد ، ثم يكابد شغل الدور وبناء القصور ، ثم الكبر الهرم ، وضعف الركبة والقدم ، ومصائب يكثر تعدادها ، ونوائب يطول إيرادها ، من صداع الرأس ، ووجع الأضراس ، ورمد العين ، وغم الدين ، ويكابد محناً في المال والنفس ، مثل الضرب والحبس ؛ ولا يمضي عليه يوم إلا ويقاسي فيه شدة ويكابد مشقة ، ثم الموت بعد ذلك كله ، ثم سؤال الملكين ، وضغطة القبر وظلمته ، ثم البعث والعرض على الله تعالى ، إلى أن يستقر به القرار ، إما في الجنة ، وإما في نار ، هكذا قرره العلماء . قوله : ( وهو أبو الأشد ) بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة وتشديد الدال المهملة ، هو بالإفراد في كثير من النسخ ، تبعاً لكثير من المفسرين ، وفي بعض النسخ الأشدين بصيغة التثنية تبعاً لبعض المفسرين ، ولينظر وجهها ، واسمه أسيد من كلدة . قوله : ( بقوته ) الباء سببية ، ومن قوته أنه كان يجعل الأديم العكاضي تحت قدميه ويقول : من أزالني عنه فله كذا ، فيجذبه عشرة حتى يتمزق ولا تزول قدماه . قوله : { أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ } أي على بعثه ومجازاته . قوله : { يَقُولُ } أي افتخاراً . قوله : ( على عداوة محمد ) ( على ) بمعنى في . قوله : { لُّبَداً } بضم اللام وكسرها مع فتح الباء ، قراءتان سبعيتان ، جمع لبدة وهو ما تلبد ، والمراد به الكثرة . قوله : { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } استفهام إنكاري . قوله : ( ليس ما يتكثر به ) أي يفتخر بكثرته ، لأنه أنفقه فيما يغضب الله .