Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 91, Ayat: 1-10)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم سبحانه وتعالى بسبعة أشياء ، إظهاراً لعظمة قدرته وانفراده بالألوهية ، وأشار إلى كثرة مصالح تلك الأشياء وعموم نفعها . قوله : { وَضُحَاهَا } أي وهو وقت ارتفاعها . والحاصل : أن الضحوة ارتفاع النهار ، والضحى بالضم والقصر فوق ذلك ، والضحاء بالفتح والمد ، إذا امتد النهار كاد ينتصف . قوله : ( ضَوْئِهَا ) هو أحد أقوال ثلاثة ، وقيل : هو النهار كله ، وثالثها : هو حر الشمس ، وحكمة القسم بذلك ، أن العالم في وقت غيبة الشمس عنهم كالأموات ، فإذا ظهر أثر الصبح ، صارت الأموات أحياء ، وتكاملت الحياة وقت الضحوة ، وهذه الحالة تشبه أحوال القيامة ، ووقت الضحى يشبه استقرار أهل الجنة فيها . قوله : ( تبعها ) أي ظهر ضوؤه وسلطانه بعد غروبها وخلفها في انتشار الضياء ، فلا ينافي أنه قد يوجد مصاحباً لها ، كالليلة الخامسة من الشهر مثلاً . قوله : ( طالعاً عند غروبها ) حال من ضمير ( تبعها ) والمراد ظهوره بعد غيبتها في أي وقت من الليل ، فيشمل أول الشهر وأوسطه وآخره . قوله : { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } الضمير المستتر المرفوع ، إما عائد على { ٱلنَّهَارِ } أو على الله تعالى ، والبارز المنصوب إما للشمس أو للظلمة ، والمعنى : أظهرها وكشفها . قوله : { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أتى به مضارعاً ، ولم يقل غشيها للفواصل ، أو إشارة لدوام القسم بهذا الأمر ، واستمراره شيئاً بعد شيء ، فلم يلتزم فيه صيغة الماضي ، وأتى به متوسطاً ، إشارة إلى أن ما قبله وما بعده محمول عليه . قوله : ( يغطيها بظلمته ) أي فيزيل ضوءها ، فالنهار يجليها ويظهرها ، والليل يغطيها ويسترها . ( لمجرد الظرفية ) من إضافة الصفة للموصوف ، أي الظرفية المجردة عن الشرطية . قوله : ( والعامل فيها فعل القسم ) استشكل بأنه يلزم عليه اختلاف العامل والمعمول في الزمان ، وذلك لأن فعل القسم إنشاء ، وزمانه الحال ، وإذا للاستقبال ، وحينئذ فلا يصح عمله في إذا . أجيب : بأن فعل القسم يدل على الحال ، ما لم يكن مقروناً بظرف يفيد الاستقبال كإذا ، وإلا فيكون للاستقبال تبعاً لمعموله . قوله : ( بسطها ) أي على الماء . قوله : ( بمعنى نفوس ) أشار بذلك إلى أن التنكير للتكثير . قول : { وَمَا سَوَّاهَا } ( في الخلقة ) أي عدلها على هذا القانون المحكم والتركيب المتقن . قوله : ( وما في الثلاثة مصدرية ) أي وبناها السماء الخ ، وحينئذ فالكلام إما على حذف مضاف ، أي ورب البناء والطحو والتسوية ، أو القسم بتلك الأشياء ، لعظمتها وجلالة قدرها ، كما تقدم في القسم بالشمس ونحوه . قوله : ( أو بمعنى من ) أي ومن بناها الخ ، وبه استدل من يجوز وقوعها على آحاد أولي العلم ، لأن المراد به الله تعالى . قوله : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } الإلهام في الأصل إلقاء شيء في القلب بطريق الفيض ، ينشرح له الصدر ويطمئن ، ثم أطلق هنا على مطلق التبيين . قوله : ( طريق الخير والشر ) لف ونشر مشوش . قوله : ( حذفت منه اللام ) أي لطول الكلام ، لأن الماضي المثبت المتصرف الذي لم يتقدم معموله عليه ، إذا وقع جواباً للقسم تلزمه اللام ، وقد يجوز الاقتصار على أحدهما عند طول الكلام أو للضرورة . قوله : { مَن زَكَّاهَا } الخ ، الفاعل ضمير { مَن } في الموضعين ، وقيل : ضمير عائد على الله ، والتقدير : من زكاها الله بالطاعة ، وقد خاب من دساها الله بالمعصية . قوله : { وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } كرر { قَدْ } إشارة لمزيد الاعتناء بمضمونها . قوله : ( وأصلها دسها ) مأخوذ من التدسيس وهو الإخفاء ، والمعنى : أخمدها وأخفاها بالكفر والمعصية ، لأن المعاصي تذل النواصي .