Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 94, Ayat: 5-8)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } { مَعَ } بمعنى بعد ، وعبر بها إشارة إلى أن اليسر يجيء عقب العسر بسرعة ، كأنه مقارن ، زيادة في التسلية وتقوية القلوب ، وأل في { ٱلْعُسْرِ } الأول للجنس ، وفي الثاني للعهد الذكري ، ولذلك ورد في الحديث لما نزلت هذه الآية ، قال عليه الصلاة والسلام : " أبشروا قد جاءكم اليسر ، لن يغلب عسر يسرين " وورد : " لو كان العسر في حجر ، لطلبه اليسر حتى يدخل عليه ، إنه لن يغلب عسر يسرين " . قوله : ( الشدة ) أي المشاق التي تحصل للشخص في الدنيا والآخرة ، وقوله : ( سهولة ) أي تحصل له في الدنيا أو الآخرة ، والتنكير في { يُسْراً } للتفخيم والتعظيم . قوله : { إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } جرت عادة العرب ، أنها إذا ذكرت اسماً معرفاً ، ثم أعادته ، كان الثاني هو الأول ، وإذا ذكرت اسماً نكرة ، ثم أعادته ، كان الثاني غير الأول ، فجاء القرآن على أسلوبهم ، ففيه اشارة إلى أن اليسر غالب على العسر ، ووجه ذلك أن العسر الذي يصيب المؤمن في الدنيا ، لا بد له من يسر في الدنيا ، ويسر في الآخرة ، فيسر الدنيا ما ذكره في الآية الأولى ، ويسر الآخرة ما ذكره في الآية الثانية ، ومعلوم أن يسر الآخرة دائم أبداً غير زائل ، فنفي غلبة العسر لليسرين ، إنما هو بالنسبة ليسر الدنيا ، وأما الآخرة فليس للمؤمن إلا اليسر ، فتدبر ، قال بعض الشعراء في هذا المعنى : @ فلا تيأس إذا أعسرت يوماً فقد أيسرت في دهر طويل فلا تظنن بربك ظن سوء فإن الله أولى بالجميل فإن العسر يتبعه يسار وقول الله أصدق كل قيل @@ قوله : { فَإِذَا فَرَغْتَ } ( من الصلاة ) الخ ، ما ذكره المفسر أحد أقوال ، وقيل : وإذا فرغت من دنياك فصل ، وقيل : إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل . وقيل : إذا فرغت من التشهد فادع لدنياك وآخرتك . وقيل : إذا فرغت من تبليغ الرسالة { فَٱنصَبْ } استغفر لذنبك وللمؤمنين ، والحمل على العموم أولى . قال عمر بن الخطاب : إن أكره أن أرى أحدكم فارغاً ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة ، وفي الحديث : " إن الله يكره العبد البطال " . قوله : { وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ } أي اجعل رغبتك إلى ربك الذي أحسن إليك بفضائل النعم في جميع أحوالك ، لا إلى أحد سواه ، فالمطلوب من الشخص أن يرى ساعياً في حسنة لمعاده ، أو درهم لمعاشه ، ويكون أكبر همه الآخرة . فائدة : ذكر بعض الصالحين خواص لهذه السورة ، منها ، أن من كتبها في اناء من زجاج ، ومحاها بماء ورد وشربها ، يزول عنه الهم والحزن وضيق الصدر . وتكتب في مطلق إناء ، وتمحى بماء وتشرب للحفظ والفهم . ومن لازمها عقب الصلوات الخمس عشر مرات ، حصل له التيسير في الرزق ، والتوفيق في العبادة ، ولقضاء ما أهم العبد ، يصلي ركعتين ويجلس مستقبلاً على طهارة ، ويقرؤها عدة حروفها مائة وثلاثة ، ثم يدعو بما أهمه ، يستجاب له إن شاء الله تعالى ، وهو مجرب صحيح .