Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 1-5)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : ( مبتدئاً ) { بِٱسْمِ رَبِّكَ } أي قل : باسم الله ثم اقرأ ما يوحي إليك ، فالياء متعلقة بمحذوف حال ، ومفعول { ٱقْرَأْ } محذوف ، وقيل : إن الباء مزيدة ، والتقدير { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } وعبر بالرب تلطفاً به صلى الله عليه وسلم ، وإشارة إلى أنه تعالى ، كما ربى جسمه ، يربي أمته وقرآنه ، قال البوصيري في هذا المعنى : @ سور منه أشبهت صوراً منا ومثل النظائر النظراء @@ وإضافة رب إلى كاف الخطاب للتشريف . قوله : { ٱلَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } يجوز أن يكون الثاني توكيداً لفظياً نظير : قام قام زيد ، ويجوز أن يكون تفسيراً للأول ، أبهمه ثم فسره تفخيماً بـ { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } ويجوز أن يكون حذف المفعول من الأول تقديره { خَلَقَ } ( الخلائق ) كما قال المفسر ، وقوله : { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } تخصيص له بالذكر لشرفه . قوله : ( الجنس ) أي الصادق بالذكر والأنثى . قوله : ( جمع علقة ) أي لأن كل واحد مأخوذ من علقة كما في الآية الأخرى ، وأطلق الجمع على العلق تسمحاً أو هو جمع لغوي ، وإلا فـ { عَلَقٍ } اسم جنس جمعي . قوله : ( من الدم الغليظ ) أي الذي أصله المني ، فأول الأطوار المني ، ثم العلقة وهو الدم الغليظ المتجمد ، ثم المضغة ، إلى آخر ما ذكر الله تعالى في آية المؤمنون . قوله : ( تأكيد للأول ) هذا أحد قولين ، والآخر أنه تأسيس ، فالأول معناه اقرأ في نفسك ، والثاني معناه اقرأ للتبليغ وتعليم الأمة . قوله : ( الذي لا يوازيه كريم ) أي لا يساويه فضلاً عن أن يزيد عليه ، لأنه تعالى يعطي الشيء من غير عوض ولا غرض ، وليس ذلك لأحد غيره . قوله : ( حال من ضمير اقرأ ) أي فالمعنى : اقرأ ما يوحي إ ليك ، والحال أن ربك الأكرم لا ينتظر منك عوضاً ولا يخزيك ، فهو تطمين له صلى الله عليه وسلم حيث خشي على نفسه أن لا يقوم بما أمره به ربه . قوله : { ٱلَّذِى عَلَّمَ } { عَلَّمَ } ينصب مفعولين ، وهما محذوفان هنا ، والتقدير : علم الإنسان الخط بالقلم ، والمفسر قدر الثاني وسكت عن تقرير الأول اتكالاً على قوله بعد { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ } . قوله : ( الخط ) أي الكتابة التي بها تعرف الأمور الغائبة ، وفيه تنبيه على فضل الكتابة ، لما فيها من المنافع العظيمة ، لأن بها ضبطت العلوم ، ودونت الحكم ، وعرفت أخبار الماضين وأحوالهم وسيرهم ومقالاتهم ، ولولا الكتابة ما استقام أمر الدين ولا الدنيا ، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله تعالى ولطيف تدبيره دليل إلا القلم والخط لكفى فيه . قوله : { بِٱلْقَلَمِ } قال القرطبي : الأقلام الثلاثة في الأصل ، القلم الأول : الذي خلقه الله تعالى بيده ، وأمره أن يكتب في اللوح المحفوظ ، والثاني : قلم الملائكة الذين يكتبون به المقادير والكوائن من اللوح المحفوظ ، والثالث : أقلام الناس ، يكتبون بها كلامهم ، ويصلون بها إلى مآربهم ، وعن عمر قال : خلق الله تعالى أربعة أشياء بيده ، ثم قال تعالى لسائر الحيوان ، كن فكان وهي : القلم والعرش وجنة عدن وآدم عليه السلام . قوله : ( إدريس ) وقيل آدم . قوله : ( الجنس ) هذا أحد أقوال ، وقيل : المراد به آدم ، ومصدق { مَا } الأسماء كلها ، فهو نظير { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } [ البقرة : 31 ] وقيل : هو محمد صلى الله عليه وسلم . قوله : ( قبل تعليمه ) متعلق بالنفي ، والمعنى : علمه الشيء الذي انتفى علمه به قبل أن يعلمه .