Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 98, Ayat: 1-3)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مِنْ } ( للبيان ) أي فالذين كفروا هم أهل الكتاب والمشركون ، إن قلت : إن أهل الكتاب لم يكونوا جميعاً كفاراً قبل النبي ، بل بعضهم كان متمسكاً بنبيهم وكتابهم ، والبعض كفار كمن غير وبدل ، ومقتضى المفسر أن جميعهم كفار وليس كذلك ، فالأحسن جعل { مِنْ } للتبعيض ، والواو في { وَٱلْمُشْرِكِينَ } للمعية ، و { ٱلْمُشْرِكِينَ } مفعول معه ، والعامل فيه { يَكُنِ } . قوله : { مُنفَكِّينَ } اسم فاعل من انفك الذي يعمل عمل كان ، واسمها ضمير مستكن فيها والخبر محذوف قدره المفسر بقوله : ( عما هم عليه ) ويصح أن تكون تامة ، فلا تحتاج لتقدير خبر . قوله : ( خبر يكن ) أي واسمها الموصول فهي ناقصة ، وقوله : { مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } حال من فاعل { كَفَرُواْ } والمعنى : أن أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ، والمشركين وهم عبدة الأوثان من العرب ، كانوا يقولون قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : لا ننفك عما نحن فيه من ديننا ، حتى يبعث النبي صلى الله عليه وسلم هو في التوراة والإنجيل ، فلما بعث تفرقوا ، فمنهم من آمن ومنهم من كفره ، فحكى الله تعالى ما كانوا يقولون أولاً ، وما فعلوه آخراً . قوله : ( أي زائلين ) الخ ، أشار بذلك إلى أن الانفكاك بمعنى الزوال ، والمعنى : أنهم متعلقون بدينهم ، لا يتركونه لا عند مجيء محمد صلى الله عليه سلم . قوله : { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } غاية لعدم انفكاكهم عما هم عليه ، والحاصل أن في الآية تفسيرين الأول : حمل ما كانوا عليه قبل مجيء النبي على شرعهم في حق أهل الكتاب ، وعلى عبادة الأصنام في حق المشركين ، فالمعنى : لم يكن الفريقان منفكين عما كانوا عليه ، لم يفارقوه إلا وقت مجيء محمد ، فلما ظهر محمد تفرقوا ، فمنهم من آمن به ، ومنهم من بقي على ما كان عليه ، وهذا المعنى ليس فيه مدح ولا ذم لهم . الثاني أن المراد بما كانوا عليه ، هو إيمانهم بمحمد إذا ظهر ، المعنى : لم يكونوا منفكين عن العزم على الإيمان بمحمد إذا ظهر ، أي لم يفارقوه ولم يتركوه إلا بعد مجيئه صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا المعنى توبيخ لهم ، إذ كيف يؤمنون في الغيب قبل مجيئه ، ويكفرون به لما جاء ، ورأوا أنواره ومعجزاته ؟ إذا علمت ذلك ، تعلم أن كلام المفسر أولاً محتمل للمعنيين ، وآخراً معرج على المعنى الثاني . قوله : ( بدل من البيئة ) أي بدل اشتمال ، و { مِّنَ ٱللَّهِ } متعلق بمحذوف صفة لرسول أو حال من { صُحُفاً } لكونه نعت نكرة قدم عليها . قوله : ( وهو النبي محمد ) وقيل جبريل قوله : { مُّطَهَّرَةً } أي مطهراً ما فيها وهو القرآن . قوله : ( من الباطل ) أي فتطهير الصحف كناية عن كونها لا يأتيها الباطل أصلاً . قوله : { فِيهَا كُتُبٌ } مكتوبات في قراطيس ، فالقرآن يجمع ثمرة كتب الله تعالى المقدمة عليه ، والرسول وإن كان أمياً ، لكنه لما تلا مثل ما في الصحف كان التالي لها ، فصحت نسبة تلاوة الصحف إليه ، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ، قوله : ( أي تلو مضمون ذلك ) أي مضمون المكتوب في الصحف وهو القرآن لا نفس المكتوب ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتلو القرآن عن ظهر قلب ، ولم يكن يقرؤه من كتاب ، فتحصل أن المراد بالصحف والقراطيس التي يكتب فيها القرآن ، والمراد بالكتب الأحكام المكتوبة فيها التي هي مدلول القرآن المكتوب لفظه ونقشه . قوله : ( فمنهم من آمن ) مفرع على محذوف ، والتقدير : فلما أتتهم البينة فمنهم الخ .