Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 108-109)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن هذا الخلق أنه في الاقتداء بالحق بقوله تعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ } [ يونس : 108 ] السورة : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } أي : ناسي خطاب { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } [ الأعراف : 172 ] وأعلين مرتبتكم إذ كنتم تسمعون خطابي عني بلا واسطة ، { قَدْ جَآءَكُمُ ٱلْحَقُّ } وهو القرآن وهو الحبل المتين المرسل ، { مِن رَّبِّكُمْ } بواسطة محمد صلى الله عليه وسلم إذا نزل به الروح الأمين على قلبه ، { فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ } [ يونس : 108 ] إلى الاعتصام به كما قال الله تعالى : { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 103 ] . { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } [ يونس : 108 ] بأن يخلصها من أسفل السافلين ، ويعود بها إلى أعلى عليين مقامها ؛ ليسمع خطاب ربها بلا واسطة بقوله : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [ الفجر : 27 - 28 ] ، { وَمَن ضَلَّ } [ يونس : 108 ] عن الاعتصام به ، { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } [ يونس : 108 ] لأنها تبقى في أسفل الدنيا بعيدة عن الله تعالى معذبة بعذاب البعد وألم الفراق . { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [ يونس : 108 ] لأعتصم به بوكالتكم ، فأوردتكم إلى تلك المقامات والدرجات ، وأخلصكم من هذه السفليات والدركات بغير اختياركم ، وإنما أنا مأمور بتبليغ الوحي والرسالة والتذكير والموعظة ، كقول { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } [ يونس : 109 ] يعني : بالاعتصام به لنفسك وبالتبليغ إلى أمتك ، { وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ } [ يونس : 109 ] بالقبول لأهل السعادة ، والرد لأهل الشقاوة لكل ميسر لما خلق له ، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } [ يونس : 109 ] فيما حكم بقبول الدعوة والقرآن والأحكام والعمل بها لمن سبقت العناية الأزلية ، ويرد الدعوة والقرآن والأحكام والعمل بها لمن أدركته الشقاوة الأزلية .