Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 104-107)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن اختلاف الفريقين في الطريق بقوله تعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي } [ يونس : 104 ] إلى قوله : { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [ يونس : 107 ] { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يشير إلى أن الخطاب مع محمد الروح ، والناس عبارة عن النفس الناسية وصفاتها ؛ فالمعنى : قل يا روح للنفس وصفاتها ، إن كنتم في شأن من ديني الذي هو عبادة الله وطاعته ومحبته وطلبه ؛ لأن دينكم عبادة الهوى والدنيا وطاعتها ومحبتها وتظنون أن غيركم على دينكم . { فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ يونس : 104 ] من الهوى والشيطان والدنيا وشهواتها ، { وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ } [ يونس : 104 ] يميتكم ويفنيكم يعني : وفاة النفس وصفاتها وفنائها متضمنة في عبودية الله ومحبته وطلبه ، وترك طاعة النفس ، وعبادة الهوى طلب الدنيا ، { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ يونس : 104 ] بلقاء الله والوصول إليه . { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ } [ يونس : 105 ] أي : استقم في توجهك لله وطلبه ، { حَنِيفاً } [ يونس : 105 ] أي : طاهراً من لون الالتفات إلى ما سواه مائلاً إليه { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ يونس : 105 ] يعني : النفس وصفاتها أنها تعبد غير الله ، وإن حملنا الآية على ظاهرها في حق النبي صلى الله عليه وسلم ويشير إلى أنه كان مخاطباً عند الفطرة { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ } حنيفاً إلى الله مخلصاً . { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ يونس : 105 ] من طالبي الدنيا وعابدي الهوى في طلب الله تعالى ، فكان كما أمر بقوله تعالى : { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ يونس : 104 ] يعني : ولا أكون من المشركين . { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ } [ يونس : 106 ] في الدنيا والآخرة منهما ، فإن النفع والضر إلى النافع والضار لا إلى الدنيا والآخرة ونعمتهما ونقمتهما ، { فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ يونس : 106 ] الذين يضعون النفع والضر في غير موضعهما . ثم قال تأكيداً لهذا المعنى : { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } [ يونس : 107 ] لأنه لا يدفع الضر إلا الضار ، { وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ } [ يونس : 107 ] إلا المتفضل به فله النفع والضر والخير والشر ، { يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } [ يونس : 107 ] بقدر استحقاقهم على حسب استعدادهم ، { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } [ يونس : 107 ] يستر بنور وجهه ظلمة وجود الصديقين ، { ٱلرَّحِيمُ } [ يونس : 107 ] بتقرب برحمته إلى الطالبين الفارقين .