Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 27-31)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ } [ يوسف : 27 ] زليخاء الدنيا أنها متبوعة { وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ } [ يوسف : 27 ] ؛ يعني : يوسف القلب ، وإن زليخاء الدنيا راودته عن نفسه واتبعته وإنه متبوع ، { فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ } [ يوسف : 28 ] حكم حاكم العقل أن يد تصرف زليخاء الدنيا لا تصل إلى يوسف القلب إلا بواسطة قميص بشريته ، { قَالَ إِنَّهُ } [ يوسف : 28 ] أي : تعلق قميص بشرية يوسف القلب . { مِن كَيْدِكُنَّ } [ يوسف : 28 ] أي : من كيد الدنيا وشهواتها ، { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [ يوسف : 28 ] لا تكن تكيدن في أمر عظيم وهو قطع طريق الوصول إلى الله العظيم على القلب السليم ، { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } [ يوسف : 29 ] أي : يا يوسف القلب أعرض عن زليخاء الدنيا ، فإن كثرة الذكر تورث المحبة وحب الدنيا رأس كل خطيئة ، { وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } [ يوسف : 29 ] أي : استغفر يا زليخاء الدنيا ، { إِنَّكِ كُنتِ } [ يوسف : 29 ] بزينتك وشهواتك قاطعة عن طريق الله تعالى على يوسف القلب وأنت في ذلك ، { مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ } [ يوسف : 29 ] الذين ضلوا عن الطريق وأضلوا كثيراً . { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ } [ يوسف : 30 ] يشير بالنسوة : إلى صفات البشرية النفسانية من البهيمية والسبعية والشيطانية في مدينة الجسد ، { ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ } [ يوسف : 30 ] وهي الدنيا ، { تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ } [ يوسف : 30 ] تطالب عبدها وهو القلب كان عبد الدنيا في البداية لحاجته إليها للتربية ، فلمَّا كمل القلب وصفا وصقل عن دنس البشرية استأهل المنظر الإلهي فتجلى له الرب تبارك وتعالى فتنور القلب بنور جماله وجلاله احتاج إليه كل شيء وسجد له حتى الدنيا { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } [ يوسف : 30 ] أي : أحبته الدنيا غاية الحب لما ترى عليه آثار جمال الحق ، ولمَّا لم يكن لنسوة صفات البشرية اطلاع على جمال يوسف القلب كن يلمن الدنيا على محبته ، فقلن ، { إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ يوسف : 30 ] ، { فَلَمَّا سَمِعَتْ } [ يوسف : 31 ] أي : زليخاء الدنيا ، { بِمَكْرِهِنَّ } [ يوسف : 31 ] في ملامتها ، { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } [ يوسف : 31 ] أي : الصفات ، { وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً } [ يوسف : 31 ] أي : تهيأت طعمة مناسبة لكل صفة منها ، { وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً } [ يوسف : 31 ] وهي سكين الذكر ، { وَقَالَتِ } [ يوسف : 31 ] زليخاء الدنيا ليوسف القلب ، { ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } [ يوسف : 31 ] وهو إشارة إلى غلبة أحوال القلب على صفات البشرية . { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ } [ يوسف : 31 ] أي : وقفن على جماله وكماله ، { أَكْبَرْنَهُ } [ يوسف : 31 ] أي : أكبرن جماله أن يكون جمال البشر { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } [ يوسف : 31 ] بسكين الذكر عن تعلق ما سوى الله تعالى ، { وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً } [ يوسف : 31 ] أي : جماله بشر ، { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } [ يوسف : 31 ] ما هذا إلا جمال ملك كريم ، وهو الله تعالى بقراءة من قرأ ( ملك ) بكسر اللام .