Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 32-34)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَتْ } [ يوسف : 32 ] زليخاء الدنيا النسوة الصفات ، { فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ } [ يوسف : 32 ] في محبة هذا الجمال ، { وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ } [ يوسف : 32 ] اعترفت عند استيلاء المحبة وغلباتها من نالت من محبة بعض ما نالته ، وقدمت نفسها لنفس المحبوب ، واستهدفت نفسها للملامة ، وجعلت العصمة حظ المحبوب . فقالت : { فَٱسَتَعْصَمَ } [ يوسف : 32 ] يعني : أنا الذي عرضت عليه نفسي وتعرضت للفجور وهو الذي أعرض عني واعتصم بالله ، { وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ } [ يوسف : 32 ] وهذا أيضاً إظهار الشر والظلم عن نفسها ، وإظهار الخير والعفة عنه عن نفس محبوبها حتى استخرجت منه قول : { قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ } [ يوسف : 33 ] فيه إشارة إلى أن القلب إذا لم يتابع أمر الدنيا وهوى نفسه ، ولم يجب إلى ما يدعوه وداعي البشرية يكون مسجوناً في سجن الشرع والعصمة من الله . وفي قوله : { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ } [ يوسف : 33 ] إشارة إلى أن القلب وإن كان في كماله كقلب من الأنبياء لو خلي إلى طبعه ولم يعصمه الله تعالى عن مكائد الدنيا ، وآفات الدواعي البشرية ، وهواجس النفس ، ووسواس الشيطان يميل إلى ما يدعونه إليه ويكون من جملة النفوس الظلومة الجهولة ، { فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ } [ يوسف : 34 ] يجيب المضطر إذا دعاه ، { فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ } [ يوسف : 34 ] عن القلب كيد الدنيا وصفات النفس ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } [ يوسف : 34 ] لمن دعاه ، { ٱلْعَلِيمُ } [ يوسف : 34 ] بذاته وذواتهم .