Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 47-50)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } أي : يوسف القلب ، { تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً } يشير به إلى أن تربية صفات البشرية السبع بالعادة والطبيعة ، وذلك في سني أوان الطفولية قبل البلوغ وظهور العقل وجريان قلم التكلف عليه { فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ } [ يوسف : 47 ] أي : فما حصدتم من هذه الصفات عند الكمالية فلا تستعملوه وذروه في أماكنه ، { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } [ يوسف : 47 ] أي : قليلاً مما تعيشون به وهو بمنزلة الغناء لمصالح قيام القالب إلى أن يبلغوا حد البلاغة ، ويظهر نور العقل في مصباح السر عن زجاجة القلب كأنه كوكب دُري { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ } [ يوسف : 48 ] من صفات الروحانية والأخلاق الحميدة . { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } [ يوسف : 48 ] يشير به إلى أن نور العقل إذا أيدناه بتأييد أنوار تكاليف الشرع بعد البلوغ وشرفه بإلهام الحق في إظهار فجور النفس وهو صفات البشرية السبع وتقواها ، وهو الاجتناب بالتزكية عن هذه الصفات ، والتحلية بصفات الروحانية السبع العجاف قد أكلت السبع السمان ، وإنما سمي السبع العجاف ؛ لأنها من عالم الأرواح وهو لطيف فسميت العجاف ، وصفات البشرية عن عالم الأجسام كثيفات وهو كثيف فسميت السمان ، { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } [ يوسف : 48 ] أي : لا يبقى من صفات البشرية عند غلبات الصفات الروحانية إلا قليلاً تحصن بها الإنسان حياة قالبه وبقاء صورته . { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [ يوسف : 49 ] يشير به إلى أن بعد غلبات صفات الروحانية ، واضمحلال صفات البشرية يظهر مقام فيه يتدارك السالك جذبات العناية يتبرأ العبد عن معاملاته ، وينجو عن محبة وجوده وحجب أنانيته ، وكان حصنه وملجأه الحق تبارك وتعالى { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ } [ يوسف : 50 ] أي : الروح ، { ٱئْتُونِي بِهِ } [ يوسف : 50 ] أي : فلمَّا أخبر القلب بنور الله كما رآه الروح في عالم الملكوت وتأويله استحق لقربة الروح وصحبته فاستدعى حضوره ، { فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ } [ يوسف : 50 ] وهو النفس ، ولاقى رسالة الروح في استحضاره وخلاصه عن سجن صفات البشرية . { قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ } [ يوسف : 50 ] أي : الروح ، { فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } [ يوسف : 50 ] يشير بالنسوة إلى الأوصاف الإنسانية ، فلمَّا رأين جمال يوسف القلب المنور بنور الله ولهن من حسنه وجماله ، وقطعن أيديهن عن الدنيا وملاذها وشهواتها ، { إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } [ يوسف : 50 ] أي : بكيد أوصاف الإنسانية في طلب شهوات الدنيا وتبدأ إنما قطعن أيدي طلبهن عنها لما شاهدت كمالات السعادات الأخروية الباقية فآثروها على الدنيا الفانية .