Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 22-25)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } [ مريم : 22 ] أي : تنحت به ؛ لحمله بلا أب وولادته من غير وقتها ، وكلامه في المهد ومعجزاته من إحياء الموتى ، وغير ذلك مرتبة علية { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } [ مريم : 23 ] لإظهار المعجزة في الجذع { قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } [ مريم : 23 ] أي : قبل هذا الحمل ، فإن بسبب حملي وولدي يدخل الله النار خلقاً عظيماً ؛ لأن بعضهم يتهمونني بالزنا ، وبعضهم يتهمون ولدي بأنه ابن الله { وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } [ مريم : 23 ] في العدم لا يذكرني الله تعالى بالإيجاد . ثم أخبر : { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي } [ مريم : 24 ] إلى قوله : { وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } [ مريم : 33 ] الإشارة عن : عظم شأنها وتبديل أحزانها بقوله تعالى أن مريم القلب لمَّا اعتزلت عن اختلاء الكونين فاستحقت لإرساله روح الله إليها ، وقد شرفت بنفخ الروح الإلهي ، ووهبت بعيسى روح الله فحيت بحياة الله ، ومحت نفس وجودها عن صحيفة الموجودات بقطع النظر عن تعلق الكونين بقولها : { يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } [ مريم : 23 ] يعني : في العدم { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } [ مريم : 24 ] أي : من لم يبلغ من مرتبتها في قطع النظر إلى الوجود من المكونات { أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ } [ مريم : 24 ] أي : تحت أمرك { سَرِيّاً } [ مريم : 24 ] أي : سرية يشير إلى أن ما دون الله يبشر القلب المنقطع إلى الله بأن الله جعل المكونات تحت أمره ؛ لتكون له سرية منقادة في دفع الآفات عنه ، وتبليغه إلى اعلى المقامات والقربات . وقوله : { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } [ مريم : 25 ] إشارة إلى : نخلة الشجرة الطيبة ، وهي كلمة : لا إله إلا الله ، فإن مريم القلب في هذا المقام إذا هزت نخلة الذكر { تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } [ مريم : 25 ] من المشاهدات الربانية والمكاشفات التي هي مشارب الرجال البالغين كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني " .