Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 65-70)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن صفات كماله وكمال جلاله بقوله تعالى : { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ مريم : 65 ] إلى قوله : { وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [ مريم : 72 ] بقوله : { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ } [ مريم : 65 ] يشير إلى أنه تعالى خالق ورب سماوات الأرواح وأرض الأجساد وما بينهما من النفوس والقلوب والأسرار ، فاعبده بجسدك ونفسك وقلبك وسرك وروحك ، فعبادة جسدك إياه بأركان الشريعة وهي : الائتمار بما أمرك الله به ، والانتهاء عمَّا نهاك الله عنه ، وعبادة نفسك بآداب الطريقة وهي : ترك موافقات هواها ، ولزوم مخالفة هواها ، وعبادة القلب بالإعراض عن الدنيا وما فيها ، والإقبال على الآخرة ومكارمها ، وعبادة السر خلوة عن تعلقات الكونين اتصالاً بالله ومحبة له ، وعبادة الروح ببذل الوجود ليل الشهود { وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } [ مريم : 65 ] بالمداومة على المجاهدات ، فإنها تورث المشاهدات ، { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } [ مريم : 65 ] أي : مثلاً في الخالقية والربوبية أو جنساً في المحبة والمحبوبية . { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ } [ مريم : 66 ] أي : النفس الإنسانية لجهلها بالحقائق { أَءِذَا مَا مِتُّ } [ مريم : 66 ] عن صفات الحيوانية { لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } [ مريم : 66 ] بصفات الروحانية بطريق الاستهزاء { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ } [ مريم : 67 ] أي : لا يتذكر نفسه { أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ } [ مريم : 67 ] بازدواج الروح والحسد { وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } [ مريم : 67 ] موجوداً أفلا نقدر على أنها إذا ماتت عن صفاتها الحيوانية يحييها بصفات الروحانية ، بل بصفات الربانية . ثم ذكر القسم للتوكيد بقوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ } [ مريم : 68 ] أي : لنجعلهم مع الشياطين شياطين الجن والإنس { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ } [ مريم : 68 ] القهر والغضب { جِثِيّاً * ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ } [ مريم : 68 - 69 ] من النفوس المتمردة العاتية { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ } [ مريم : 69 - 70 ] نزعناهم من { هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } [ مريم : 70 ] أي : أولى وأحق لجهنم القهر أن يصليه فيها ، ومن منهم أولى وأحق أن ينعم عليه ويميزه عنهم بتخليصه عن ظلمات وجوده بنور وجودنا ، ونهديه إلى عالم الوصول والوصال بجذبات العناية الأزلية التي هي كفاية الأبدية .