Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 96-98)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن حال السعداء وحال الأشقياء قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ مريم : 96 ] فقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً } [ مريم : 96 ] يشير إلى أن بذر الإيمان إذا وقع على أرض القلب ، وتربى بماء الأعمال الصالحات ينمو إلى أن يثمر ، فتكون ثمرتها محبة الله ومحبة الأنبياء والملائكة والمؤمنين جميعاً كما قال تعالى : { كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ * تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } [ إبراهيم : 24 - 25 ] . وبقوله تعالى : { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ } [ مريم : 97 ] يشير إلى أن حقيقة القرآن التي هي صفة الله تعالى القائمة بذاته لا تسع ظروف الحروف المحدثة المعدودة المتناهية ؛ لأنهلا قديمة غير معدودة ولا متناهية ، وإنما يسر الله تعالى ورأيته بقلب النبي صلى الله عليه وسلم وقرأته بلسان العربي المبين { لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ } [ مريم : 97 ] لأنهم أهل البشارة ، وهم أصناف ثلاثة : فصنف منهم : يتقون الشرك بالتوحيد ، وصنف : يتقون المعاصي بالطاعات ، وصنف : يتقون عمَّا سوى الله بالله { وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } [ مريم : 97 ] لأنهم أهل الإنذار وهم ثلاث فرق : فرقة منهم : الكفار الذين يقاتلون على الباطل ، وفرقة منهم : أهل الكتاب الذين يخاصمون على أديانهم المنسوخة ، وفرقة منهم : أهل الأهواء والبدع والفلاسفة الذين يجادلون أهل الحق بالباطل { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ } [ مريم : 98 ] بالخذلان في تيه الضلالة { مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ } [ مريم : 98 ] وقد خلص ونجا { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } [ مريم : 98 ] بالثناء الحسن عليهم .