Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 1-8)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } [ طه : 1 - 2 ] إلى قوله : { لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } [ طه : 8 ] { طه } يشير إلى : النبي صلى الله عليه وسلم ويقول : يا من طوي به بساط النبوة ، وأيضاً : يا من طويت له المكونات إلى ما يشاء { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } [ طه : 2 ] في الدنيا والعقبى ، بل أنزلناه على قلبك ؛ لتسعد بتخلقك بخلقه لتكون على خلق عظيم ، وليسعد بك أهل الأولين والآخرين من أهل السماوات وأهل الأرض ، ولتكون رحمة للعالمين ، كما قال : { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } [ طه : 3 ] يعني : عظة لمن يخشى الله بالغيب ، ويؤمن بنبوتك ، ويقبل رسالتك { تَنزِيلاً } [ طه : 4 ] على قلبك { مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ } [ طه : 4 ] أرض بشريتك { وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } [ طه : 4 ] سماوات روحانيتك التي هي أعلى الموجودات وأول المخلوقات كما قلت : أول ما خلق الله روحي { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ } [ طه : 5 ] أي : بصفته الرحمانية { ٱسْتَوَىٰ } [ طه : 5 ] على عرش قلبك ؛ ليكون لك معه وقت لا يسعك فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ طه : 6 ] الروحانية من الصفات الحميدة { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ طه : 6 ] البشرية من الصفات الذميمة { وَمَا بَيْنَهُمَا } [ طه : 6 ] من القلب ما فيه من الإيمان والإيقان والصدق والإخلاص { وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } [ طه : 6 ] أي : ما هو مركوز في جبلة الإنسانية . { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ } [ طه : 7 ] أي : تظهر من صفاتك بالقول { فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ } [ طه : 7 ] وهو ما تظهر من سريرتك { وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] بالقول وهو ما أخفى الله من خفيتك ، فالسر باصطلاح أهل التحقيق لطيفة بين القلب والروح وهو معدن أسرار الروحانية ، والخفى لطيفة بين الروح والحضرة الإلهية ، وهو مهبط أنوار الربوبية وأسرارها ، فافهم جيداً واغتنم . ولهذا قال عقب قوله : { يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] قوله : { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } [ طه : 8 ] إشارة إلى أن مظهر ألوهيته وصفاته العليا وأسمائه الحسنى إنما هو الخفى الذي هو أخفى من السر ؛ أي : ألطف وأعز وأعلى وأشرف وأقرب إلى الحضرة منه ألا وهو سر { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } [ البقرة : 31 ] وهو حقيقة قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم فتجلى فيه " . ثم اعلم أن لطيفة السر التي تكون بين القلب والروح موجودة في كل إنسان مؤمن أو كافر عند نشأته الأولى ، والخفى قد نشأ عند نشأته الأخرى ، فلهذا يمكن أن يكون كل إنسان مؤمن أو كافر بعدد أسرار الروحانية وجملتها المعقولات ، ولا يمكن إلا لمؤمن موحداً أن يكون مهبط أنوار الربانية وأسرارها وجملتها المشاهدات والمكاشفات وحقائق العلوم اللدنية .