Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 1-7)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } [ الأنبياء : 1 ] إلى قوله : { إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأنبياء : 7 ] بقوله : { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } [ الأنبياء : 1 ] يشير إلى اقتراب الساعة التي فيها يحاسب الناس من أنفسهم في الدنيا قبل أن يحاسبوا في الآخرة { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ } [ الأنبياء : 1 ] من أحوال القيمة وأحوال أنفسهم أنهم يحاسبون بالنقير والقطمير ، وإذا نصحهم ناصح واقف على الأحوال فهم { مُّعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 1 ] عن استماع قوله ونصحه كما قال تعالى : { وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّٰصِحِينَ } [ الأعراف : 79 ] وإن نزلت في منكري البعث من الكفار وهو حال أكثر مدَّعي الإسلام في زماننا هذا ، فإنهم { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ } [ الأنبياء : 2 ] أهل العزة بالله تعالى { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } [ الأنبياء : 2 ] يستهزئون به وينكرون عليه . { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } [ الأنبياء : 3 ] بمتابعة الهوى متعلقة بشهوات الدنيا ساهية عن ذكر الله غافلة عن طلبه { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى } [ الأنبياء : 3 ] وتناجوا في السر { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } [ الأنبياء : 3 ] أنفسهم بالإنكار على أهل الأسرار { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ } [ الأنبياء : 3 ] تقبلون منه ما يأتيكم من الكلام المموه { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } [ الأنبياء : 3 ] أنه مموه كالسحر { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [ الأنبياء : 4 ] يعني : كل أمرهم إلى الله ، فإنه يعلم قول أهل السماء سماء القلوب ، وقول أهل الأرض أرض النفوس { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } [ الأنبياء : 4 ] لأقوال لأهل القلوب وصدقهم ، وأقوال أهل النفوس وإنكارهم { ٱلْعَلِيمُ } [ الأنبياء : 4 ] بما في ضمائرهم وبأفعالهم وبأوصاف سرائرهم . { قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } [ الأنبياء : 5 ] يعني : كلام المحققين خيالات فاسدة يقول بعض المنكرين : { بَلِ ٱفْتَرَاهُ } [ الأنبياء : 5 ] أي : اختلقه من نفسه ، ويدَّعي أنه من مواهب الحق ، وقال بعضهم : { بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } [ الأنبياء : 5 ] أي : يقول ما يقول بحذاقة النفس وقوة الطبع والذكاء ، ثم يقول بعضهم إلى بعض : { فَلْيَأْتِنَا } هذا المحقق { بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } [ الأنبياء : 5 ] بكرامة ظاهرة كما أتى بها المشايخ المتقدمون . ثم قال الله تعالى : { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ } [ الأنبياء : 6 ] أي : من أهل قرية من المنكرين لمَّا رأوا كرامات أولياء الله { أَهْلَكْنَاهَآ } [ الأنبياء : 6 ] فأهلكناهم بالخذلان والإبعاد { أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } [ الأنبياء : 6 ] يصدقون أرباب الحقائق أن يروا كرامة منهم طبعوا على الإنكار مثل المنكرين الهالكين . { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } [ الأنبياء : 7 ] يشير إلى أنه تعالى يظهر في كل قرن رجالاً بالغين من متابعي الأنبياء ، ويخصهم بوحي الإلهام كما أظهر في زمان عيسى عليه السلام الحواريين من متابعيه ، وأوحى إليهم كما قال الله تعالى : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي } [ المائدة : 111 ] ثم قال للمنكرين : { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ } [ النحل : 43 ] وهم الذين اهتزوا بذكر الله ، ووضع عنهم الذكر أوزار البشرية وأثقال الإنسانية ، وتنورت قلوبهم بأنوار الربانية ، وتجوهرت أرواحهم بجوهر الذكر فصاروا المذكورين بذكر الله إياهم كما قال الله تعالى : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [ البقرة : 152 ] فهم يرون حقائق الأشياء بنور الله تعالى ، فقال أهل الذكر وأرباب الحقائق : فإنهم يعلمون أحوالهم { إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [ النحل : 43 ] ولا تفهمون رموزهم وإشاراتهم .