Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 70-76)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ } [ الحج : 70 ] أي : ما في سماء القلب من اليقين والصدق والإخلاص والمحبة { وَٱلأَرْضِ } [ الحج : 70 ] أرض البشرية ، والنفس الأمَّارة من الشك والكذب والشرك وحرص الدنيا ؛ فيزيل عن أرباب القلوب البلوى ، ويكمل لهم النعماء ، وينزل بأرباب النفوس البلوى ، ولا يسمع منهم الشكوى { إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ } [ الحج : 70 ] مكتوب بقلم التقدير في القدم { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [ الحج : 70 ] أي : مجازاتهم على وفق التقدير سهل على الله . { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } [ الحج : 71 ] يشير إلى أن من كان من جملة خواصه أفرده ببرهان ، وأيده ببيان ، وأعزه بسلطان ، ولأهل الخذلان لا بسلطان فيما عبدوه من أصناف الأوثان ، ولا برهان على ما طلبوه { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [ الحج : 71 ] أي : نصرة من الله تعالى بل خذلان { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } [ الحج : 72 ] من المعارف والحقائق { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ } [ الحج : 72 ] أي : في وجوه المنكرين آثار إنكارهم ، فإن وحشة ما يخامر في السرائر يلوح على الأسرة في الظاهر { قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ } [ الحج : 72 ] أي : بشر مما في قلوبكم من الإنكار { ٱلنَّارُ } [ الحج : 72 ] وهي نار القطيعة والطرد الإبعاد { وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ الحج : 72 ] أي : أنكروا { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ الحج : 72 ] أي : المرجع والمآب . ثم أخبر عن مثل الذباب لأولي الألباب بقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ } [ الحج : 73 ] يشير إلى أن أهل النسيان في غفلة عن حقيقة الأمر بالعيان ، فلا بدَّ من ضرب مثل ؛ لعلهم ينتهون عن نومة الغفلة ، فالخطاب للناس عهد الميثاق عام ، وللمستمعين المستعدين ؛ لإدراك فهم الخطاب ويتعظوا به . ثم بيَّن المعنى فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ الحج : 73 ] آلهة ، ويعبدون من أنواع الأصنام الظاهرة والباطنة { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } [ الحج : 73 ] بل لا يطلعوا على كيفية خلق الذباب { وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ } [ الحج : 73 ] أي : لذلك { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ } [ الحج : 73 ] من الخواطر النفسانية والشيطانية { شَيْئاً } [ الحج : 73 ] من صفات الوقت وجمعية القلب { لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ } [ الحج : 73 ] ليس في وسعهم استنقاؤه واستخلاصه منه من ذباب هواجس النفس ووساوس الشيطان { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ } [ الحج : 73 ] وهو القلب إذ لم يكن مؤيداً بنور الإيمان { وَٱلْمَطْلُوبُ } [ الحج : 73 ] وهو النفس والشيطان ، ومن كان بهذه الصفة فساء المثل مثلهم ، فإنهم { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } [ الحج : 74 ] أي : ما عرفوه حق معرفته ؛ إذ عبدوا غيره ولم يتخلقوا بأخلاقه إذ هم مستعدون لذلك ، مختصون لهذه الكرامة من الهدية كلها ؛ ليكونوا خير البرية فصاروا شر البرية . { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ } [ الحج : 74 ] على أن ينعم عليهم بنعمة هذه الكرامة لو رجعوا إليه وتركوا غيره { عَزِيزٌ } [ الحج : 74 ] يعز من يشاء بنيل هذه الكرامة فيصطفي ؛ أي : هو { ٱللَّهُ } [ الحج : 74 ] الذي { يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } [ الحج : 75 ] بينه وبين العباد ، لتربيتهم لأداء الرسالة إذ لم يكونوا بعد مستأهلين لسماع الخطب بلا واسطة فيربيهم بواسطة رسالة الملائكة { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } [ الحج : 75 ] يعني : برسالة الأنبياء { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } [ الحج : 75 ] يسمع ضراعتهم في احتياج الوجود وهم في العدم { بَصِيرٌ } [ الحج : 75 ] بمن يستحق وهو معدوم . { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } [ الحج : 76 ] من قبول الدعوة وردها وما خلف الأنبياء يوم يسألهم ما أراد أجبتم { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [ الحج : 76 ] من ابتداء إنشائها وانتهاء انقضائها .