Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 101-106)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن ابتغاء الأنساب يوم الحساب بقوله تعالى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] يشير إلى نفخة العناية الربانية إذا نفخت في صور القلب قامت القيامة وانقطعت الأنساب فلا يلتفت إلى أحد من أنسابه ولا إلى أهل ولا إلى ولد ؛ لاشتغاله بطلب الحق واستغراقه في بحر المحبة ، فلا يسأل بعضهم بعضاً عما تركوا من أسباب الدنيا ولا إلى ولد لاشتغاله ولا عن أحوال أهاليهم وإخوانهم وأوطانهم إذا فارقوها ؛ لأن { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [ عبس : 37 ] عن مطالبة الغير { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } [ المؤمنون : 102 ] في طلب الحق سبحانه { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } في الطلب بفوز المطلوب ونيل المقصود . { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } [ المؤمنون : 103 ] عن الطلب وقع عليه طريق الحق بنوع من التعلقات ورجوعه قهقرى { فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } [ المؤمنون : 103 ] بإبطال استعداد الطلب وإفساده ، فإن الإنسان كالبيضة مستعدة لقبول تصرف ولاية الدجاجة وخروج الفرُّوج منها ، فما لم تتصرف فيه الدجاجة يكون استعداده باقياً ، فإذا تصرفت الدجاجة فيه فتغير حاله إلى حال الفروجية ، ثم إذا انقطع تصرف الدجاجة تفسد البيضة فلا ينفعها الصرف بعد ذلك لفساد والاستعداد ؛ ولهذا قال المشايخ : مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة ، وبهذا يكون معنى قوله تعالى : { فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 103 ] أي : في جهنم أنفسهم فلا يخرجون حيث { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } [ المؤمنون : 104 ] أي : نار القطيعة . { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } [ المؤمنون : 104 ] عابسين عبوس المنقطعين عن مطالبهم المبعدين عن مقاصدهم يقال لهم : { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُم } [ المؤمنون : 105 ] أي : ألم يكن النصحاء يثبتون لكم بالدلائل الواضحة والنصائح الصادقة كيفية الطريق وسلوكه وكمالية الوصول إلى الحضرة { فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } [ المؤمنون : 105 ] وفي عالم الطبيعة الحيوانية ما يكون قالوا : { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا } التي كتبت علينا وقدرتها ، { وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } [ المؤمنون : 106 ] بإضلالك عن طريق الطلب حيث أخطأنا النور المرشرش في عالم الأرواح وإصابة غيرنا .