Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 88-92)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن استدلال آخر على استقلال عقولهم بقوله تعالى : { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } [ المؤمنون : 88 ] إلى أن لكل شيء ملكوت وهو روحه في عالم الملكوت الذي هو قائم له يسبح الله تعالى به لقوله عز وجل : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [ الإسراء : 44 ] وروح ذلك التي بيد الله { وَهُوَ يُجْيِرُ } الأشياء عن الهلاك بالقيومية { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي : لا مانع ممن أراد هلاكه { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أحداً بهذه الصفة غيره ، فأجيبوني به ! { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } [ المؤمنون : 89 ] اعترافاً بالعجز { قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } فقال : أولا فقل أفلا تذكرونهم ، قال بعده أفلا تتقون ؛ قدم التذكر على التقوى ، فإن بتذكيرهم يصلون إلى المعرفة ، وبعد أن عرفوه علموا الله تعالى عليهم اتقاء مخالفته ، ثم قال بعد ذلك : { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } أي : كيف تخيل لكم الحق باطلاً والباطل حقاً وضوح الحجة ، فأي شك بقي حتى تنسبونه إلى السِّحر { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ المؤمنون : 90 ] بين أنهم له على جحودهم وأقاموا على عتوهم فيتوهم بعد أن أُزيحت العلل فَلاتَ حين عذر ، وليست [ المساهلة موجب بقاء ] . وبقوله تعالى : { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } [ المؤمنون : 91 ] يشير إلى أن اتخاذ الولد والشريك يوجب المساواة في القدر والصمدية فتقدس عن جواز أن يكون له مِثل أو جنس ، ولو تصورنا جوازه { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } فكل أمر نيط عن اثنين فقد انتفى عن النظام وصحة الترتيب { سُبْحَانَ ٱللَّهِ } تقديساً وتنزيهاً { عَمَّا يَصِفُونَ } أي : وصفوه به { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } [ المؤمنون : 92 ] أي : عالم الملك والملكوت والأرواح والأجساد { فَتَعَالَىٰ } الله وتنوه { عَمَّا يُشْرِكُونَ } بأن يكون له في العالمين شبيه أو شريك أو ولد .