Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 31-31)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ } [ النور : 31 ] من النفس والقلب والروح { يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } عما مر ذكره ولأن المطالبة على النساء كالمطالبة على الرجال ؛ لشمول تكليف الجنسين ، فالواجب عليهن ترك المحظورات والندب والنفس لهن صون القلب عن الشواغل والخواطر الدنية ، ثم إن ارتقينا بالهمم العالية ، وهذه الحالة فالتعامي بقلوبهن عن غير المعبود ، فإن للنساء نصيب ، ويقال : قرن الله النهي عن النظر في المحارم بذكر حفظ الفرج فقال : { وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } [ النور : 31 ] تنبيهاً على عظم خطر النظر فإنه يدعو إلى الإقدام على الفعل وقال صلى الله عليه وسلم : " النظر سهم من سهام إبليس " سهمي الذي لا يخطئ النظر وأنشدوا : @ وأنتَ إذا أرسلتَ طَرفَك رائداً لقلبِك يوماً أتْعَبَتْكَ المناظرُ @@ وقالوا : مَنْ أرسل طَرْفَه اقتضى حَتْفَه . { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [ النور : 31 ] يشير إلى كتمان ما زين الله به سرائرهم من صفاء الأحوال وزكاة الأعمال ، فإن بالإظهار بتقلب الزينة شيئاً إلا ما ظهر منها بتصرف ولرد حق أو يظهر عن واحد منهم نوع كرامة تكلف فلذلك مستثنى ؛ لأنه غير مؤاخذ عالم يكمن بتصرفه وتكلفه { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ } [ النور : 31 ] جيوب قلوبهن { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } [ النور : 31 ] أي : يخفون الأحوال { إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ } [ النور : 31 ] يُشير به إلى الشيوخ المتصرفين فيهم والأحوال المعاونين لهم والمريدين من المتمسكين بهم { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } [ النور : 31 ] يعني : من تملكوا على نفوسهم بحسن الإرادة . { أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ } [ النور : 31 ] أي : لأتباعهم الذين ليسوا من أهل الدنيا أرباب المناصب ، فيكون للنفس في إظهار الأحوال والأسرار ثم إلى طلب الجاه عندهم والرئاسة على غيرهم . { أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ } [ النور : 31 ] وهم أطفال الطريقة من أهل الإرادة غير مطلع على أسرار الشيوخ لهدايتهم إلى سبيل الرشاد وتشويقاً لهم إلى كمالات العباد على نية النصيحة والمعاونة على البر والتقوى { وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } [ النور : 31 ] ، ولا يعتمدوا إلى قول وفعل وإظهار حال ليعلم ما هو المخفي من أحوالهم على الأغيار . وبقوله تعالى : { وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ النور : 31 ] يشير إلى أن التوبة كما هو واجبة على المبتدئ عن ذنوب مثله فهي لازمة للمنتهي عن ذنوب مثله ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في كل يوم مائة مرةٍ " فتوبة المبتدئ من المحرمات وتوبة المتوسط من ذوائب المحالات وتوبة المنتهي بإعراض عما سوى الله بكليته والإقبال على الله بكليته { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور : 31 ] ففلاح المبتدئ من النار إلى الجنة والمتوسط من أرض الجنة إلى أعلى عليين مقامات القرب ودرجاتها ، والمنتهى من جنس الوجود المجازي إلى الوجود الحقيقي ومن ظلمة الخليقة إلى نور الربوبية .