Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 19-22)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فلما سمع كلام نملة النفس تعجب منها { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } [ النمل : 19 ] بتسخير جنودي لي { وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ } [ النمل : 19 ] وهما الروح والجسد فأنعمت على والدي الروح بإفاضة الفيض الرباني ، وعلى والتي الجسد باستعماله في أركان الشريعة { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي } [ النمل : 19 ] بجذبات ألطافك { فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } [ النمل : 19 ] في مقام العبودية المختصة بالأنبياء والمرسلين والأولياء المتقين ، كما أدخلت نفوسهم عنايتك في مقام العبودية المضافة إلى حضرتك بقولك { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي * وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } [ الفجر : 29 - 30 ] . ثم أخبر عن تفقد أهل التعبد بقوله تعالى : { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ } [ النمل : 20 ] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } [ النمل : 20 ] يشير إلى أن الواجب على الملوك التيقظ في مملكتهم وحسن قيامهم وتكلفهم بأمور رعاياهم تفقد أصغر رعيتهم ، كما يتفقدون عن أكبرها بحيث لم يخف عليهم غيبة الأصاغر والأكابر منهم ، كما أن سليمان عليه السلام تفقد حال أصغر طير من الطيور ، ولم يخف عليه غيبته ساعة ، ثم من غاية شفقة على الرغبة أحال النقص والتقصير إلى نفسه فقال : { مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } [ النمل : 20 ] وما قال ما للهدهد لم أره ولرعاية مصالح الرعاية وتأديبهم قال : { أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } [ النمل : 20 ] يعني : من الذين غابوا عني بلا إذني . ثم هدده إن لم يكن له عذر لغيبته فقال : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } [ النمل : 21 ] بالطرد عن الحضرة والإسقاط عن عين الرضا والقبول { أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ } [ النمل : 21 ] في شدة العذاب ، { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [ النمل : 21 ] به يشير إلى أن حفظ المملكة يكون بكمال السياسة وكمال العمل ، فلا يتجاوز عنه جرم المجرمين ويقبل عنهم العذر الواضح بعد البحث عنه ، ويشير إلى أن الطير في زمانه كانت من جملة التكليف ولها وللمسخرين لسليمان عليه السلام من الحيوان والجن والشياطين تكاليف تناسب أحوالهم ، ولهم فهم وإدراك كأحوال الإنسان في قبول الأوامر والنواهي معجزة لسليمان . وبقوله : { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } [ النمل : 22 ] يشير إلى أن الغيبة ، وإن كانت موجبة للعذاب الشديد وهو الحرمان عن سعادة الحضور ومنافعه ، ولكن من أمارات السعادة سرعة الرجوع وتدارك الفائت وبقوله { فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } [ النمل : 22 ] خبر إلى سعة لي وسعة كريم الله ورحمة بأن يختص طائراً بعلم نبي مرسل ، وهذا لا يقدح في حال النبي صلى الله عليه وسلم والرسل بأن لا يعلم علماً غير نافع في النبوة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله منه فيقول : " أعوذ بك من علم لا ينفع " . وبقوله : { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } [ النمل : 22 ] يشير إلى أن من شرط الخبر ألا يخبر عن شيء إلا أن يكون مستيقناً فيه لا سيما عند الملوك .