Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 54-59)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن المقهورين غير المغفورين بقوله تعالى : { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } [ النمل : 54 ] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله : { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } [ النمل : 54 ] يشير إلى أن لوط الروح إذ قال لقومه وهم القلب والسر والعقل عند تغيير أحوالهم وتبدل أوصافهم مجاورة النفس واستيلائها عليهم { أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } [ النمل : 54 ] وهو كل ما زلت به أقدامهم عن الصراط المستقيم وأمارتها في الظاهر إتيان منهيات الشرع على وفق الطبع وهو النفس وعلامتها حب الدنيا وشهواتها والاحتفاظ بها { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } [ النمل : 54 ] أي : ولكم بصيرة تميزون بها الخير والشر والصلاح من الفساد . وفي قوله : { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ } [ النمل : 55 ] إشارة إلى صرف الاستعداد فيما يبعدهم عن الحق تعالى دون صرفه فيما يقربهم إلى الحق تعالى { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } [ النمل : 55 ] وإن تدعوا أن لكم بصيرة تعرفون بها الحق من الباطل { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } وهم القلب المريض بعلة حب الدنيا وانحراف مزاجه عن حب الآخرة ، والسر المكدر بكدورة الرياء والنفاق ، والعقل المشوب بآفة الوهم والخيال { إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ } من اتصافهم بصفات النفس { أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ } وهم الصفات الروحانية { مِّن قَرْيَتِكُمْ } وهي الشخص الإنساني { إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } [ النمل : 56 ] من لوث الدنيا وشهواتها . وبقوله : { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } [ النمل : 57 ] يشير إلى روح نظر الله إليه بنظر العناية { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } وهم قوم القلب والسر والعقل عذاب النفاق بالدنيا ومتابعة الهوى { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ } [ النمل : 57 ] وهي النفس الأمارة بالسوء { قَدَّرْنَاهَا } في الأزل أنها { مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [ النمل : 57 ] أي : الباقين في عذاب التعلق بالدنيا ومتابعة الهوى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم } [ النمل : 58 ] أي على النفس وصفاتها { مَّطَراً } [ النمل : 58 ] وهو حجارة الشهوات الدنيوية . { فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } [ النمل : 58 ] بترك الشهوات أي صعب عليهم تركها ، فإن الفطام عن المألوف شديد وبقوله : { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } [ النمل : 59 ] يشير إلى أن أمطار مطر الشهوات الدنيوية على النفس وصفاتها هو نعمة من الله مستدعية للحمد والشكر ؛ لأن النفس بها قائمة ، وبقاء الروح في القالب باستمداده من النفس كاستمداد نور السراج من الزيت وبقوله : { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } يشير إلى قوم أخصهم لعبوديته دون قوم يعبدون الهوى والدنيا وما سوى الله ، ومعنى السلام عليهم توجه بالكلية إلى الحضرة مستسلمين للأحكام الأزلية ، ثم قال : { ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } [ النمل : 59 ] به من الدنيا وشهواتها والآخرة ودرجاتها ، يا أهل الدنيا ويا أهل الآخرة .