Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 60-63)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن حقائق الخلائق بقوله تعالى : { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [ النمل : 60 ] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله : { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } [ النمل : 60 ] يشير إلى خلق سماوات القلوب والأرض النفوس { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ النمل : 60 ] سماء القلب { مَآءً } [ النمل : 60 ] ماء نظر الرحمة { فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } [ النمل : 60 ] من العلوم والمعاني والأسرار والحكم البالغة { مَّا كَانَ لَكُمْ } [ النمل : 60 ] أي : ما كان من الاستعداد الإنساني { أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } لو لم يكن ماء نظر رحمتنا وخصوصية آياتنا به { شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } [ النمل : 60 ] من الهوى { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } [ النمل : 60 ] أرباب النفوس يميلون عن الحق . { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ } [ النمل : 61 ] أرض النفس { قَرَاراً } في الجسد { وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً } من دواعي البشرية { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } من قوى البشرية والحواس { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } [ النمل : 61 ] وهما بحر الروح وبحر النفس { حَاجِزاً } وهو القلب لئلا يختلطا ، فإن في اختلاطهما فساد حالهما { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله } [ النمل : 61 ] من الطبيعة كما زعم الطبائعية ليدبر أمر القالب والروح على وفق الحكمة { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } كمال قدرة الله وحكمته واستغنائه عن الشريك { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } [ النمل : 62 ] والمضطر هو المقدورات لها من قدر الله خلقها ولا يقدر على إيجادها غيره ، فهي تضطر إلى أن تدعو الله بلسان الحاجة في إيجاده فيجيبه بإخراجه عن العدم إلى الوجود { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } من العدم . { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ } [ النمل : 62 ] أي : مستعدين لخلافته في الأرض فتعمرون الدنيا وتزينونها بأنواع الصنائع والحرف واستخراج الجواهر من المعارف وغرس الأشجار واتخاذ الأطعمة المتلونة والأشربة المتنوعة والأدوية والمعاجين المختلفة لإزالة الهلاك وللأرض بالعلاج الصالح { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } ليكون له خلق أمثالكم { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [ النمل : 62 ] أي : قليلاً منكم من يتذكر ويفهم معنى الخلافة ويقوم بشرائطها { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } [ النمل : 63 ] يُشير إلى بر البشرية وبحر الروحانية ولهما ظلمات الخلقية وإن كانت الروحانية نورانية بالنسبة إلى ظلمة البشرية ومعنى الآية { أَمَّن يَهْدِيكُمْ } [ النمل : 63 ] بإخراجكم من ظلمات البشرية إلى نور الروحانية وظلمات الخليقة الروحانية إلى نور الربوبية غير الله يدل على هذا المعنى قوله : { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ البقرة : 257 ] { وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ } رياح العناية { بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي : سحاب الهداية التي فيها مطر الرحمة ، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } [ النمل : 62 ] ليرسل الرياح كما أرسلها الله أو يكون شريكاً له في إرسالها { تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } جماعة يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا يثبتون لله شريكاً من الأنواء .