Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 76-78)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر أن قارون كان نسيب موسى كهارون فأدركت العناية هارون وأدرك الخذلان قارون بقوله تعالى : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ } [ القصص : 76 ] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } [ القصص : 76 ] يشير إلى أن قارون النفس من قوم موسى القلب تحقيقه أن الله تعالى جعل النفس تبعاً للقلب وسعادتها في متابعته ، وشقاوتها في بغيها عليه وترك متابعته وسبب بغيها قوله : { وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ } [ القصص : 76 ] وكنوزها ما يودع في خزائن صفاتها فإن في خزائن كل صفة من صفاتها كنزاً من خواصها المودعة فيها فبإيتاء الكنوز يشير إلى تهيج دواعيها وغلبات خواصها من البطر والنشاط والغرور ، وأما بغيها الإباء والاستكبار والعجب والتمرد عن قبول النصح . { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ } [ القصص : 76 ] بنو إسرائيل صفات القلب { لاَ تَفْرَحْ } [ القصص : 76 ] بشهوات الدنيا وزينتها { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } [ القصص : 76 ] بها ، وإنما يحب من يفرح بإقامة العبودية وطلب السعادة الأخروية ، كما قال تعالى : { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] . ومن جملة النصيحة قوله : { وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ } [ القصص : 77 ] أي : من الاستعداد الإنساني { ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } باستعماله في العبودية المأمور بها لنيل السعادة الأخروية الباقية { وَأَحْسِن } يعني : في العبادة بأن تعبد الله كأنك تراه شوقاً إلى لقائه ومن الإحسان أن تطلب الله بجميع مساعيك { كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } بأن طلبك من العدم ودعاك إلى الوجود بجميع صفاته { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ } [ الرحمن : 60 ] طلبه إياك { إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } [ الرحمن : 60 ] إحسان طلبك إياه ليحسن إليك في جزاء إحسانك إليه بوجود الوصال والوصول كقوله : " إلا من طلبني وجدني " { وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ } [ القصص : 77 ] أرض الروحانية بما آتاك الله من استعداد الروحاني والإنساني { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ القصص : 77 ] من الصفات النفسانية التي تفسد استعداد الروحانية الإنسانية القابلة لفيض الصفات الربانية . وبقوله : { قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } [ القصص : 78 ] يشير إلى أن نظر قارون النفس لقصوره ومناسبة طبعها لا يقع إلا على نفسه وكسبه بمحجوب نظره عن القدرة الإلهية والمواهب الربانية { أَوَلَمْ يَعْلَمْ } [ القصص : 78 ] قارون النفس { أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ } [ القصص : 78 ] أي : من قبل إهلاكه { مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً } [ القصص : 78 ] في الفساد والإفساد كنمرود { وَأَكْثَرُ جَمْعاً } [ القصص : 78 ] للطاعة والعلم مثل إبليس وأتباعه { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [ القصص : 78 ] عند إهلاكهم كيلا يشتغلوا بالاعتذار ، كما قال تعالى : { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] .