Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 105-109)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال تعالى : { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } [ البقرة : 44 ] ، وقال تعالى : { لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } [ الصف : 2 - 3 ] ، { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ } [ آل عمران : 105 ] ، بعد ما اجتمعوا { وَٱخْتَلَفُواْ } [ آل عمران : 105 ] ، بعدما اتفقوا { مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } [ آل عمران : 105 ] ، الموجبة للجمعية والوفاق ، { وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 105 ] ، من التفرق والاختلاف بعد الجمعية والوفاق ، { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } [ آل عمران : 106 ] ، الذين اسودت قلوبهم بالكفر ، والتفرق والاختلاف من الله تعالى وذلك ؛ لأن الوجوه تحشر بلون القلوب كقوله تعالى : { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [ الطارق : 9 ] ؛ أي : يجعل ما في الضمائر على الظواهر ، { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } [ آل عمران : 106 ] ، فيقال لهم : { أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } [ آل عمران : 106 ] ؛ وهم أرباب الطلب السائرون إلى الله ، الذين انقطعوا في بادية النفس ، واتبعوا الهوى وارتدوا على أدبارهم القهقري { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } [ آل عمران : 106 ] ، تسترون الحق بالباطل ، وتعرضون عن الحق في طلب الباطل ، وكنتم معذبين بنار الهجران والقطيعة في الدنيا ؛ ولكن ما كنتم تذوقون عذابها والناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا لا يذوقوا ألم جراحة الانقطاع والإعراض عن الله تعالى : { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 107 ] ، فكانوا في رحمة الجمعية والوفاق مع الله في الدنيا { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ آل عمران : 107 ] ، في الآخرة ؛ لأنه يموت الإنسان على ما عاش فيه ويحشر على ما مات عليه ، { تِلْكَ } [ آل عمران : 108 ] ، الأحوال { آيَاتُ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 108 ] مع خواصه ، { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ } [ آل عمران : 108 ] ، نظرها على قلبك بالحق ، { وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } [ آل عمران : 108 ] ، لا يظلم على أهل الدنيا والآخرة بأن يضع سواد الوجه وذوق العذاب في غير موضعه ، ولا بياض الوجه وخلود الرحمة في غير موضعه ، { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ آل عمران : 109 ] ، مِلكاً ومُكاً ، وخلقاً وقدرة ، وحكماً وتصرفاً ، وإيجاداً أو إعداماً ، وقضاء وقدراً ، { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [ آل عمران : 109 ] ؛ يعني : كل أمر يصدر في السماوات والأرض والدنيا والآخرة فالله تعالى مصدره يرجع إليه عاقبته ، وليس لأحد فيه حكم وتصرف حقيقي غيره سبحانه .