Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 188-191)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ } [ آل عمران : 188 ] بمتاع الدنيا ، { وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ } [ آل عمران : 188 ] ، من أعمال { فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [ آل عمران : 188 ] ؛ لأن هذا من صفات أرباب النفوس الأمارة ، المغرورين بالحياة الدنيا وتمويهات الشيطان ، المحجوبين عن السعادات الأخروية والقربات الحضرية ، وإنما يريدون { حَرْثَ ٱلدُّنْيَا } [ الشورى : 20 ] ، فما لهم { فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [ الشورى : 20 ] ، وإن من صفات القلوب المنورة بنور الإيمان المزينة بزينة العرفان ، ما أخبر الله تعالى عنهم بقوله تعالى : { لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } [ آل عمران : 153 ] { وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ } [ الحديد : 23 ] ؛ يعني : من سعادة الدارين ونعيم المنزلين ، فإنهما يحجبانكم عن الله تعالى : { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ آل عمران : 188 ] ؛ أي : لمن حجب عن الله بغيره وبما سواه . { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ آل عمران : 189 ] ؛ يعني : من حجب بالملك فإنه مالك الملك ، ومن حجب بالمالك فلا يفوته الملك ، كما جاءني بعض الكتب المنزلة من طلب ما لنا لم تكن له ، ومن طلبنا كنا له وكان له مالنا ، أو كلام هذا معناه ، { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } [ آل عمران : 189 ] ، من الدنيا والآخرة { قَدِيرٌ } [ آل عمران : 189 ] ، أن ينعم به على طالبيه . ثم أخبر عن خلق السماوات الأرض وإظهار القدرة والآيات بقوله تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ آل عمران : 190 ] ، إشارة في الآيتين { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ آل عمران : 190 ] ؛ أي : في خلق سماوات القلوب وأطوارها ، وخلق أرض النفوس وقرارها ، { وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ } [ آل عمران : 190 ] البشرية وصفاتها ، { وَٱلنَّهَارِ } [ آل عمران : 190 ] ، الروحانية وأنورها { لآيَاتٍ } [ آل عمران : 190 ] ، لإمارات بيِّنات ودلالات واضحات ، { لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [ آل عمران : 190 ] ، الذين عبروا بقدم الذكر والفكر من قشر الوجود الجسماني الظلماني الفاني ، ووصلوا إلى لُب الوجود الروحاني الباقي ، فشاهدوا بعيون البصائر ونواظر الضمير أن لهم وللعالم إلهاً قادراً حياً عليماً ، سميعاً بصيراً ، متكلماً باقياً ، وإنما نالوا هذه المراتب ؛ لأنهم { يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } [ آل عمران : 191 ] ؛ وهي عبارة عن جميع حالات الإنسان ؛ أي : يذكرون الله على كل حال بالظاهر والباطن ، { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ آل عمران : 191 ] ؛ وهي الأفلاك الدائرة ، { وَٱلأَرْضِ } [ آل عمران : 191 ] ؛ وهي الكرة الأرضية مستوية الأضلاع ساكنة الحركات معلقة في وسطها ، وأنه كيف خلق فيها الكواكب المنيرات السائرات ، فخلق بتأثيرها وخواصها في الأرض المعادن والنباتات والحيوانات تدبيرات متناسبات معقولات ، ويقولون : { رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً } [ آل عمران : 191 ] ؛ أي : خلقته بالحق إظهاراً للحق على الخلق ، ووسيلة للخلق إلى الحق ، { سُبْحَانَكَ } [ آل عمران : 191 ] ، تنزيهاً لك في حقيقتك عن المشبه بخليقتك والاحتياج ببريتك ، { فَقِنَا } [ آل عمران : 191 ] يا مستغني عنا ، { عَذَابَ النَّارِ } [ آل عمران : 191 ] ؛ أي : عذاب نار قهرك وعظمتك وكبريائك .