Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 62-64)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ } [ آل عمران : 62 ] ، وما دونه الباطل { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ } [ آل عمران : 62 ] ، خالق { إِلاَّ ٱللَّهُ } [ آل عمران : 62 ] ، يخلق ما يشاء كما يشاء أجزاء على السنة ، أو على إظهار القدرة ، { إِلاَّ ٱللَّهُ } [ آل عمران : 62 ] ، الذي { هُوَ خَٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [ الأنعام : 102 ] ، ولا خالق له { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } [ آل عمران : 62 ] ، ليس له ضد ولا ند { ٱلْحَكِيمُ } [ آل عمران : 62 ] ، فيما يخلق ويحكم ، ولا عبث في خلقه وحكمه { فَإِن تَوَلَّوْاْ } [ آل عمران : 63 ] ، عن حكم من أحكامه واعرضوا عنه { فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ } [ آل عمران : 63 ] الذين شهد عليهم الملائكة بالفساد في قوله : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا } [ البقرة : 30 ] ، فأجابهم بقوله تعالى : إني أعلم المصلح منهم والمفسد ، ولا تعلمون منهم إلا المفسد ، كقوله تعالى : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ } [ البقرة : 220 ] ، فيجعل المفسد فداء المصلح ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة لم يبق أحد منكم ، إلا أعطى يهودياً ، فقيل : هذا فداؤك من النار " ، صحيح أخرجه مسلم . ثم أخبر عن جواب أهل الإعراض بقوله تعالى : { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } [ آل عمران : 64 ] ، إشارة في الآيات : إن الله تعالى أشار بقوله : { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } [ آل عمران : 64 ] ، إلى أن أصول الأديان كلها ، إخلاص العبودية في التوحيد ، { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [ البينة : 5 ] ، وقال : { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ } [ آل عمران : 64 ] ، لا نطلب منه غيره { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 64 ] ، في طلب الرزق ورؤية الأمور من الوسائط ، { فَإِن تَوَلَّوْاْ } [ آل عمران : 64 ] ؛ يعني : من أعرض عن هذا الأصل { فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ } [ آل عمران : 64 ] ، أنتم لنا { بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [ آل عمران : 64 ] ، مستسلمون لما دعانا الله إليه من التوحيد والإخلاص في العبودية ، ونفي الشرك والسر في الإشهاد على الإسلام ؛ ليشهد الكفار لهم يوم القيامة على الإسلام والتوحيد كما شهد لهم المسلمون كما قال صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " إني أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة ، فارفع صوتك بالنداء ، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن وإنس ولا شيء ، إلا شهد له يوم القيامة " ، وفي رواية أخرى " لا يسمع صوتك شجر ولا حجر ، ولا جن ولا إنس ، إلا شهد لك " ، وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه " فإن المؤذن يغفر له مدى صوته ، وشهد له كل رطب ويابس " ، وليكون شهادة الكفار لهم بالتوحيد يوم القيامة ، حجة على أنفسهم ، والله أعلم .