Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 57-61)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا } [ آل عمران : 57 ] ، واختاروا الحق على الباطل { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ آل عمران : 57 ] ، اتبعوا عن طريق الهدى ، ونهوا { وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } [ النازعات : 40 ] ، { فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ } [ آل عمران : 57 ] عن جنة المأوى ، وتقربهم إلينا زلفى ، { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [ آل عمران : 57 ] ، الذين يظلمون أنفسهم بانقضاء العمر في طلب غير الله . { ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ } [ آل عمران : 58 ] ؛ أي : هذا نقص عليك من نبأ عيسى عليه السلام وقومه { مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ } [ آل عمران : 58 ] ، من عيسى عليه السلام ، وأن مثله كمثله آدم بقوله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ آل عمران : 59 ] . { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } [ آل عمران : 60 ] ، بغير ازدواج أب وأم واسطة نطفة وامشاج من { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } [ الطارق : 6 - 7 ] ، كما جرت سنة الله تعالى وخلقه الإنسان ، وإنما كونه بتكوين أمر كن فكان ، وهذه سنة جرت في تكوين الأرواح والملكوت لا في الأجساد والملك ، فالله تعالى أجرى هذه السنة في آدم وحواء وعيسى ؛ إظهاراً لقدرته ، وكذلك في ثعبان موسى ، وناقة صالح ، وكونهما بأمر كن خرقاً للعادة ؛ ليكون آية نبوتهما ، ودلالة من ربك يا محمد { فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } [ آل عمران : 60 ] ، في أمر عيسى أنه عبد الله ، وشأن الحق أنه فاعل مختار فعال لما يريد ، ليس هذا نهياً عن شك كان في النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه نهي الكينونة ، قال : { فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } [ آل عمران : 60 ] ، قاله في الأزل : أنه أزلي فما كان من الممترين ، ولا يكون إلى الأبد . { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ } [ آل عمران : 61 ] ، جاد لك في أم عيسى أنه ليس بعبد مخلوق ، { مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } [ آل عمران : 61 ] ، بحقيقة حاله { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ } [ آل عمران : 61 ] ، وحياً وكشفاً فادعهم إلى المباهلة ، فإنها حجة قاضية بالحق مميزة بين الصادقين والكاذبين ، فكانت دعواه إياهم إلى المباهلة ، وامتناعهم عنها مظهر حقيقة دعواه وبطلان دعواهم .