Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 46-50)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْ آيَاتِهِ } [ الروم : 46 ] أي : من أمارات فضله وكرمه { أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } [ الروم : 46 ] يرسل رياح الرجاء على قلوب العوام فتكنس قلوبهم عن عبادة المعاصي ، وغناء اليأس وتبشرها بدخول نور الإيمان ، ثم يرسل رياح البسط على أرواح الخواص فتطهرها من وحشة القبض ودنس الملاحظات ، وتبشرها بدوام الوصال والارتياح به ولكن بعد احتياج لكن { وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ } [ الروم : 46 ] أي : من رحمة الخاصة وهي تجلي صفاته فتستغرقون في بحر ألطافه . { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ } [ الروم : 46 ] فلك القلوب فيه { بِأَمْرِهِ } بكرمه وحسن رعايته ، { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } [ الروم : 46 ] وهو الاتصاف بصفاته والانتفاء هو انتفاء الصفات في صفاته ، { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ الروم : 46 ] ببذل الوجود لنيل المقصود فإن الشكر يقتضي المزيد والمزيد في هذا المقام إفناء الذات في ذاته تعالى ليبقى بإبقائه { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ } [ الروم : 47 ] يشير به إلى المتقدمين من المشايخ المتصوفين لتربية قومهم من المريدين ودلالتهم بالتسليك إلى حضرة رب العالمين . { فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } [ الروم : 47 ] على لسان التحقيق في بيان الطريق لأهل التصديق فمن قابلهم بالتصديق وصل إلى خلاصة التحقيق ، ومن عارضهم بالإنكار والجحود فابتلاهم بعذاب الخلود في الإبعاد والجحود وذلك تحقيق قوله : { فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } [ الروم : 47 ] أي : أنكروا ، { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } [ الروم : 47 ] المتقربين إلينا أن ننصرهم بتقربنا إليهم . ثم شرح معنى تقربه إلى العباد بقوله : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ } [ الروم : 48 ] رياح عطف وجوده { فَتُثِيرُ سَحَاباً } [ الروم : 48 ] من ألطافه { فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ } [ الروم : 48 ] سماء قلوبهم { كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } [ الروم : 48 ] قطعاً ، قطعة : تمطر غيث القربة على النفوس فتطهرها من الذنوب ، وقطعة : تمطر على الأسرار بغيث الأنوار فتطهرها عن النظر إلى الأغيار ، وقطعة : تمطر على الأرواح بغيث الكشف على الأسرار فتطوى ببساط الحشمة على ساحات قربه وتضرب قباب الهيبة بمشاهد كشفه ، وينشر عليهم أنهار أنسه ، ثم يتجلى لهم بحقائق قدسه ويسقيهم بكأس التجلي شراب طهور محبته ، وبعدما محاهم عن أوصافهم أصحاهم لا بهم ولكن بنفسه والعبارات عن ذلك خرس والإشارات دونها طمس ، هذه حقائق قوله : { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ الروم : 48 ] بألطاف الربوبية . { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ } [ الروم : 49 ] مطر العناية ، { مِّن قَبْلِهِ } [ الروم : 49 ] أي من قبل مطر العناية { لَمُبْلِسِينَ } [ الروم : 49 ] آيسين من نزول المطر آيسين أيضاً من كمالية مطر العناية أن يكون كما استبشروا به ؛ لأن حقائق تلك العناية ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . ثم أخبر عن آثارها التي هي قريبة من فهم الإنسان لا عن حقيقتها ، فإنه من لم يذق لا يدري فقال : { فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ } [ الروم : 50 ] أي رحمتها الخاصة { كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ } [ الروم : 50 ] أرض القلوب بالفيض الإلهي { بَعْدَ مَوْتِهَآ } [ الروم : 50 ] بكبائر الذنوب ، { إِنَّ ذَلِكَ } [ الروم : 50 ] أي أن الآثار التي تراها { لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ } [ الروم : 50 ] فهو الله المحيي يحيي الموتى من القلب بتجلي صفة المحيي للقلوب الميتة فيحيها ، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ الروم : 50 ] من أحيا قالب الإنسان بعد موته في الحشر ومن أحيا قلب بعد موته في الدنيا .