Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 6-11)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ } [ السجدة : 6 ] أي : عالم الروح وخاصية صفاته { وَٱلشَّهَادَةِ } [ السجدة : 6 ] أي : عالم النفس والبدن { ٱلْعَزِيزُ } [ السجدة : 6 ] بأن لا يصل إليه أصحاب النفوس { ٱلرَّحِيمُ } [ السجدة : 6 ] بأن يرحم على أرباب القلوب بجذبة العناية ؛ ليوصلهم إلى مقام الوحدة { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ } [ السجدة : 7 ] به يشير إلى أنه تعالى من نتائج إحسانه القديم لما أراد أن يخلق مرآة تجلي صفات جماله وجلاله خلق لحديد المرآة معدناً ، وهو عالم الشهادة بجميع أجناسه وأنواعه ، وأحسن خلقه بمعدنية ذلك الحديد ، وأحسن خلق الحديد مستعداً للمرآتية وهو شخص آدم وصورته فقال : { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } [ السجدة : 7 ] فخمر طينة آدم بيده أربعين صباحاً فأودع كل صباح خواص نوع من أجناس عالم الشهادة بالتخمير في طينته وصفاته . { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ } [ السجدة : 8 ] سلها من أجناس عالم الشهادة { مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } [ السجدة : 8 ] { ثُمَّ سَوَّاهُ } [ السجدة : 9 ] شخص إنسان هو حديد المرآة ، { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } [ السجدة : 9 ] فصار مرآة كاملة قابلة لإراءة صفات جماله وجلاله ، ثم تجلى فيها كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم فتجلى ربه فيه " { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ } بتجلي صفة السمعية { وَٱلأَبْصَارَ } بتجلي صفة البصر به { وَٱلأَفْئِدَةَ } التي هي مرآة العلوم بتجلي عالميته { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } [ السجدة : 9 ] يشير به إلى أن قليلاً منكم يعرف نفسه بالمأمورية والذلة ليعرف ربه بالآمرية والعزة فيها ، فإنه أحسن خلق كل شيء من هذه الأشياء لما خلق له ولمعرفة ذاته وصفاته . كما قال : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] أي : ليعرفون وقالوا خواص أنواع عالم الشهادة { أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ } [ السجدة : 10 ] أرض البشرية ، ولم يبق لنا أثر ظاهر في عالم الشهادة { أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ السجدة : 10 ] ونعاد إلى كماليتنا بعد أن فنينا في قالب آدم عن طبائعنا قال الله تعالى : { بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } [ السجدة : 10 ] من نتائج تلك الضلالة التي أخبروا عنها بقوله : { أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ } [ السجدة : 10 ] { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } [ السجدة : 11 ] وهو المحبة الإلهية فإنها تقبض الأرواح عن الصفات الإنسانية وتميتها عن محبوباتها بقطع تعلق الروح الإنساني قوله تعالى : { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [ السجدة : 11 ] بجذبة { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } [ الفجر : 28 ] .