Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 31-34)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً } [ الأحزاب : 31 ] أي : تعمل لله خالصاً غير مشرب بطمع الجنة ؛ ولهذا قال الله ورسوله : ولم يعمل للدار الآخرة { نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } [ الأحزاب : 31 ] يشير إلى أن الطاعة والعمل الصالح من غير شوب يوجب أجر المزيد في القرب وبتبعيتها يوجب أجراً آخر في درجات الجنة { وَأَعْتَدْنَا لَهَا } [ الأحزاب : 31 ] بمزيد العناية { رِزْقاً كَرِيماً } [ الأحزاب : 31 ] والكريم هو الله أي : يرزقه من المشاهدات الربانية والمكاشفات والمكالمات مزيداً على القربة ، وهذا معنى قوله : { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 40 ] . وقوله : { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } [ الأحزاب : 32 ] يشير إلى أرباب قلوب أسرار أرحام قلوبهم لتصرفات ولاية المشايخ ليست أحوالهم كأحوال غيرهم من الحق { إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ } بالله من غيره { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ } لشيء من الدارين على أن تخضع له بالقول لا بالقلب والعمل بزعمك ، فإن كثيرا من الصادقين يخضعون لأرباب الدنيا والأعمال الدنيوية لصلاح الآخرة ومصالح الدين بزعمهم ، فبالتدريج وقعوا في ورطة الهلاك ورجعوا القهقرى إلى الدنيا واستغرقوا في بحر الغفلات لضعف الحالات ، وهذا معنى قوله : { فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [ الأحزاب : 32 ] . وقوله : { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } [ الأحزاب : 32 ] يشير إلى أن لا يشرعوا في شيء من أحوال الدنيا وأعمالها إلا بحسب القوة والقدرة التي يغلبون عليها بالمعروف ، ولا يغلب عليكم بالنكرات { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } [ الأحزاب : 33 ] يخاطب به القلوب أن يقروا في أوطانهم من عالم الملكوت من الأرواح متوجهين إلى الحضرة { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } [ الأحزاب : 33 ] أي : لا تخرجوا إلى عالم الحواس راغبين في زينة الدنيا وشهواتها كما هو من عادات الجهلة . { وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ } [ الأحزاب : 33 ] بدوام الحضور والمراقبة والعروج إلى الله بالسير ، فإن الصلاة معراج المؤمن بأن يرفع يديه من الدنيا ويكبر عليها ، ويقبل على الله بالإعراض عما سواه ويرجع من مقام تكبر الإنساني إلى خضوع ركوع الحيواني ، ومنه إلى خضوع سجود النباتي ، ثم إلى قعود الجمادي ، فإنه بهذا الطريق أهبط إلى أسفل القالب ، فيكون رجوعه بهذا الطريق إلى أن يصل إلى مقام الشهود الذي كان فيه في البداية الروحانية يتشهد بالتحية والثناء على الحضرة ، ثم يسلم عن يمينه على الآخرة وما فيها ويسلم عن شماله على الدنيا وما فيها مستغرقاً في بحر الألوهية بإقامة الصلاة وإدامتها . { وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ } [ الأحزاب : 33 ] فالزكاة ما زاد على الوجود الحقيقي من الوجود المجازي فإيتاؤها صرفها وإفناؤها في الوجود الحقيقي بطريق { وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ } [ الأحزاب : 33 ] وهو لوث الحدوث بشراب طهر تجلي صفات جماله وجلاله : { أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً } [ الأحزاب : 33 ] لا يكون عن تلوثاً { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } [ الأحزاب : 34 ] يشير به إلى تذكر عظيم النعمة التي تصل من مواهب الحق ، وجليل الحالة التي تجري في بيوت القلوب من الواردات والإشارات والشواهد والكشوف وحقائق القرآن وأسراره وأنواره ومواعظه والحكمة التي فيه { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } [ الأحزاب : 34 ] بعباده بأن جعل قلوبهم مرآة صفات لطفه ومظهرها { خَبِيراً } [ الأحزاب : 34 ] فيما صنع ولما صنع .